ينقسم التاريخ المصري القديم الى قسمين حسب رأي المتواضع وهي ، حضارات ماقبل الأسرات ، وحضارات الأسرات الملكية المصرية وفي هذا الموضع سوف أحصر حديثي عن حضارات ما قبل الأسرات التي سادت في " كيمة " بمعنى السوداء أو السمراء ، اشارة الى سمرة التربة الطينية وخصوبتها ، كما سماها المثقفون المصريون القدماء ، أو ما عبروا عنها باسم " تاوي " أي الأرضين ، أرض الصعيد و أرض الدلتا في حال الترابط والشمول .
أما عن الحضارات التي سادت مصر في مرحلة ما قبل الأسرات الملكية عصر ماقبل الأسرات4500-3200 ق.م وهي :
مرمدة بني سلامة:
وهي تقع في دلتا نهر النيل و كانوا أهالى هذه المرمدة يقيمون مجتمعاتهم بالقرب من حواف وشطآن المستنقعات، وتحت حماية النباتات الكثيفة التي كانت تعمل كمصدات للهواء. كما عثر أيضا على مجموعة كبيرة من الاكواخ الواطئة البيضاوية الشكل والتي بنيت من كتل الطين الجاف وفي كل منها كان يوجد اناء واسع الفم مثبت في الارض حيث كان يستخدم لتجميع مياه الامطار التي تتسلل خلال السقف المصنوع من القش .
وكانوا ينفردون بطريقة فريدة للدفن حيث كانوا يدفنون موتاهم على الجانب الأيسر تحت أرضيات المساكن .
حضارة الفيوم:
وهي تقع على الضفة الغربية للنيل شمال القاهرة وترجع الى عام 4400 ق.م وقد استمرت 1000 عام ومن بقايا الفخار الذي وجد لم يعثر الباحثون في مركز حضارتها على آثار للموتى والغالب أنهم قد دفنوا في مكان بعيد .
حضارة البداري:
وهي قرية في الصعيد على الضفة الشرقية لنهر النيل وأهم مايميز البداريون انهم كانوا يؤمنون بالبعث ( الحياة الثانية بعد الموت ) وكانوا يلفون موتاهم بالحصير ويدفنونهم مع حيواناتهم المحببة أو بعض التمماثيل للحيوانات او النساء او الطيور .
حضارة تاسا:
وهي في الصعيد على الضفة الشرقية لنهر النيل شمال قرية بداري وتعود الى حوالي عام 4200 ق.م عثر فيها على الفؤوس وأقداح وكؤوس على هيئة الزهر وأدوات زينة تكاد تقتصر على خرزات من صدف او عظم او عاج .
حضارة نقادة:
وتقع في الصعيد على الشاطئ الغربي لنهر النيل ويرجع تاريخها الى عام 3600 ق.م وكان سكان هذه الحضارة عرفوا اللبن فبدؤيدعمون به جدران القبور وكانوا يدعون مع الميت في قبره الطعم والشراب والمتاع .
وكانت هذه الحضارة الممهدة لوحدة الحضارة المصرية التي ظهرت على وجه الأرض .
مدة حكم الأسرتين 420 سنة وكان مقر ملكهما مدينة "طينة" بعد أن وحد الملك "نعرمر مينا" مصر السفلى ومصر العليا اي الدلتا والصعيد ومعنى كلمة مينا المؤسس أو الخالد ، وتذكر لنا بعض المصادر التاريخية انه ربما يكون هو نفسه الملك العقرب ، ومن أهم الشواهد التي تدل على وجود هذا الملك وتأسيسه لوحدة مصر هو لوح الأردواز الذي وجد في منطقة هيراكونبوليس "العاصمة الجنوبية القديمة".
واذا نظرنا الى هذه اللوحة نرى اسم الملك نعرمر في واجهة القصر الملكي ، واذا نظرنا الى جوانب اللوح الاردوازي في الأعلى نرى نقشين على شكل بقرة تمثل الإلهة "حاتحور" آلهة الحب والجمال عند المصريين القدماء ووجودها في اللوحة تمثل حماية دينية للملك وقد كان الملك يمثل تارة بلبسه للتاج الأبيض "حدجت" والذي يمثل الجنوب في الصعيد وتارة أخرى يلبس التاج الاحمر "دشرت" والذي يمثل الشمال في الدلتا وقد صمم فيما بعد تاج مزدوج يجمع هذين التاجين معا في تاج واحد "سخم تي" ولا يسعنا المجال هنا لشرح هذه اللوحة أو صلاية الملك "نعرمر" ولكن الذي يهمنا من هذه الصلاية هو توحيد "نعرمر" لأرض مصر بقسميها الشمالي والجنوبي الدلتا والصعيد .
والمعلومات الموجودة عن هاتيين الأسرتين قليلة ولكن الذي عرفناه من قبل الأثريين ان ملوك هاتين الاسرتين كانوا أقوياء شديدي البأس وتقدمت مصر في عهدهم وأخذت الهندسة المعمارية ترقى والتجارة تزداد بين مصر وما جاورها من البلاد مثل شبه جزيرة العرب.
الأسرة الثالثة:
ومدة حكمها 80 سنة ( 2980 2900 ق.م ) وكان مقر حكمها مدينة "منف" أو "منفيس" ومؤسس هذه الأسرة هو الملك "زوسر" وقد دام حكمه 29 سنة ويعد الى الآن اول ملك بنى لنفسه مقبرتين :
المقبرة الاولى: بنى مقبرة على شكل مصطبة ضخمة من اللبن بمنحدر عميق وهي واقعة في شمال العرابة المدفونة في بيت خلاف وهي شيدت على اعتبار انه ملكا للوجه القبلي.
المقبرة الثانية: وقد شيدت على اعتبار انه ملكا للوجه البحري وهي واقعة على الهضبة التي فيها جبانة "منف" وهي المعروفة الآن "بسقارة" ، وهذه المقبرة تعد الى الان اقدم هرم في التاريخ وهو مايعرف "بهرم زوسر المدرج" والمهندس الذي وضع تصميم هذا البناء هو "امحوتب" وقد كان نابغا في الهندسة وراسخ العلم في الطب حتى انه اعتبر فيما بعد كإله للطب.
ويعد "زوسر" اول ملك توغل في نوبيا السفلى فيما وراء الشلال الى المحرقة في منتصف الطريق الى الشلال الثاني .
وقد خلف "زوسر" بعض الملوك الذين لايزال تاريخهم مبهما مثل الملك "سانخت" او "زوسر الثاني" وكل مانعرفه عنه انه بنى لنفسه مقبرة في منطقة "بيت خلاف" يالقرب من مقبرة "زوسر" وتولى العرش بعده الملك "حابا" او "خع با" ومن بعده الملك "نفركا" او "نب كاو"وهؤلاء لانعرف عنهم شيئا .
اما آخر ملوك الاسرة الثالثة فهو الملك "حو" او "حوني" ومعناه ( الضارب ) وقد اقام لنفسه هرما في "دهشور" في جنوب "سقارة" وهذا الهرم هو الحلقة الموصلة بين الهرم المدرج والهرم الكامل .
الأسرة الرابعة ( عصر بناة الأهرام ) :
انقضى عهد الاسرة الثالثة بوفاة سنفرو فأسس خوفو الاسرة الرابعة التي حكمت مصر قرنا ونصف ( 2900 2750 ق.م ) تقريبا ، ويرجح ان عاصمة ملكها كانت منف .
وفي عهد هذه الاسرة المشهورة التي يعتبرها الكثير اقوى واعظم الاسرات المصرية حيث بلغت مصر في عهدها ذروة المجد والحضارة ونستد على مبلغ القوة من تلك الاثار التي خلفتها والاهرامات خير شاهد على عظمة ملوكها حتى ان هرم خوفو الاكبر بل بالجيزة يعتبر من عجائب الدنيا السبعة ان لم يكن اعجبها واشهرها ، وكان القصد من بناء الاهرامات هو ايجاد مكان حصين لجثة الملك لا تتصل اليها الايدي .
واذا تأملنا بعظم هندسة بناء هذا الهرم عرفنا كيف كان نظام الحكومة وثراء البلاد ، ولما مات خوفو خلفه خفرع مشيد الهرم الثاني بالجيزة الاصغر ، وفي ايامه بدأت قوة الملك تضعف قليلا بازدياد قوة كهنة أون ( عين شمس ) الذين دخلوا في غمار سياسة البلاد .
وقيل ان تمثال ابو الهول الذي لايعلم يقينا صانعه ، عمل في زمن الاسرة الرابعة وقيل ان ارتفاعه يبلغ نحو 20 مترا وطوله نحو 46 مترا .
الملك خفرع )وهو من ملوك الأسرة الرابعة وقد تولى الحكم بعد أخوه جدفرع ، واتخذ خفرع الإسم الحوري " وسر إب " أي قوي القلب،
وقد تلقب خفرع بلقب " مارع " أي ابن رع ، وقد كانت من المرات الاولى التي يصرح ملك فيها ببنوته للإله رع أله الشمس ، ثم أصبحت تقليدا
ثابتا بعد عهده ، واكتملت ديباجة الألقاب الملكية الخمسة .
وكان للملك المصري هدفان من لقبه الجديد :
الأول : هو مسايرة مذهب الشمس في نشاطه الواضح السافر الممتد حتى عهده . ( وسوف أفرد ان شاء الله بحث ودراسة حول اللاهوت والطقوس والمعتقدات الدينية في مصر القديمة ).
الثاني : كان الهدف من اللقب الجديد هو رغبة الملك في التدليل على أنه يعتلي العرش بناء على بنوته للمعبود رع صاحب العرش المقدس القديم وبتفويض من ، كما تروي الأساطير الدينية ، وربما عن رغبة منه كذلك في أن يتبرك باسمه وأن يكتب له دوام مثل دوامه ، ولو خلال حياته الثانية .
أخذ كهنة أون أو كهنة رع بعين شمس يستبدون بأمر البلاد في أوائل وبقوا على هذه الحال نحو 120 سنة حتى تمكنوا من إسقاط الأسرة الرابعة وتأسيس الاسرة الخامسة التي حكمت 150 سنة وكان مقر حكمها مدينة منف .
ولما كان الفضل في تأسيسها يرجع الى الكهنة كان ملوكها ضعفاء فأتخذ حكام الاقاليم من هذا الضعف ذريعة الى جعل مناصبهم وراثية بيد انهم حافظوا على الولاء لمليكهم وساعدوه في العمل على الحفاظ على حضارة وتراث مصر ، حتى ان أوسركاف اول ملوك هذه الاسرة امتد نفوذه الى الجنادل الاولى للنيل ، وان الملك ساحورع الذي خلفه بعث حملة بحرية الى الشواطئ الفينيقية واخرى الى بلاد بونت وشواطئ خليج عدن الجنوبية ، كما ارسل حملة برية الى شبه جزيرة سيناء ، وان الملك اسيس ارسل حملة أخرى الى بلاد بونت وفتح محاجر وادي الحمامات ( الممتد بين قنا وبين القصير على البحر الأحمر ) ، وان الملك أوناس اخر ملوك هذه الاسرة وطد دعائم سلطانه جنوبا الى الجنادل الاولى .
ولهذه الاسرة اثار عديدة منتشرة في انحاء مختلفة في الوجه القبلي ومنف ، وأشهر اثارها هرم أوناس بجهة سقارة الكتوب على جدرانه من الداخل نصوص هيروغليفية تعرف بنصوص الاهرام .
كان أول اكتشاف لنصصوص الأهرام داخل هرم الملك " أوناس "
عام 1880م وقد عثر بعد ذلك على كثير من تلك النصوص في أهرام الاسرة السادسة في سقارة بل وفي بعض اهرام ملكاتها وليست هذه النصوص إلا مجموعة من تعاويذ مختلفة ، تحتوي على صلوات وبعض طقوس دينية وغيرها .
ويرجع تاريخ بعضها الى ماقبل ايان الاسرة الأولى ، بل ونجد فيها
إشارات الى تلك الحروب التي حدثت في مصر في اوائل ايامها مشارا اليها كحروب بين الآلهة المختلفة الذين كانوا معبودين في ذلك الوقت .
وقد أمكن جمعها ودراستها ومقارنة بعضها ببعض ومجموعها 714 تعويذة
وخير ترجمة لها مع التعقيب والشرح هي ترجمة العالم الالماني زيته باللغة الالمانية وترجمة أيضا الى الانجليزية من قبل العالم الانجلزي
مرسر .
الأسرة السادسة :
وحكمت 150 سنة ومقر ملكها مدينة منف ، وفي عهدها حافظت مصر على حضارتها ولكن زادت سلطة حكام الأقاليم فصاروا يلقبون بالأمراء العظام ومع ذلك كان للملك عليهم نفوذ كبير فتمكن بمساعدتهم من غزو بلاد اجنبية حيث ان بيبي الاول ارسل حملاته الى النوبة وفلسطين وفينيقية والى قبائل البدو الشمالية .
وتمكن ابنه " ري إن رع " بمساعدة أمراء الفنتين من حفر قناة في حجر الصوان بقرب الجنادل الاولى ليسهل عليه ارسال حملاته الى بلاد النوبة وذهب اليها بنفسه للاستكشاف ، وفي عهد بيبي الثاني الذى تولى حكم البلاد لزمن يعتبر اطول زمن لحكم ملك في التاريخ وهي 90 سنة أرسل الحملات الى افريقيا وبلاد بونت ، وكشفت جهات الجنادل العليا وزادت العلاقات التجارية مع السودان وبلاد بونت ولبنان وجزر بحر ايجة .
ولما مات بيبي الثاني خلفه عدة ملوك ضعفاء لم يلبث حكام الاقاليم في عهدهم ان استبدوا بأمر الملك ووقعت مصر في فوضى وانقسمت البلاد على نفسها فكان ختام عهد هذه الاسرة التي تعد اخر الاسرات القديمة مملوءا بالفتن و الحروب الداخلية وانتهت بسقوط الاسرة السادسة التي تعد اخر أسرات الدولة القديمة .
ومن ملوك هذه الاسرة المشهورين الملكة ينتوكريس التي اتمت هرم الجيزة الثاث هرم الملك منقرع .
كان ضعف سلطة الملوك في الأسرة الخامسة مشجعا لبعض كبار الموظفين على أن يتباهوا في مقابرهم بما فعلوه من أعمال جليلة ، وربما كان أهم نقش بل وأهم وثيقة تاريخية خلفتها لنا الأسرة السادسة ، هي ( لوحة وني ) الموجودة قي قبره في
( أبيدوس ) وهي الآن بالمتحف المصري .
ويقص علينا ( وني ) كيف أنه بدأ حياته في الحكومة في عهد ( الملك تيتي ) أول ملوك الأسرة السادسة ثم ترقى الى ان أصبح مديرا لكتب الزراعة ومديرا لأراضي الملك ، ويذكر لنا انه في عهد ( الملك بيبي الأول ) أسند اليه وظيفة كبرى في القضاء وهي وظيفة ( قاضي نخن ) ، حتى أنه كان يحقق في قضايا الملك الخاصة بحريمه .
ويقص علينا ( وني ) أيضا كيف أسندت اليه مهمة تأليف جيش عدد رجاله عشرات الآلاف من جميع الوجه القبلي ، من ( الفنتين ) في الجنوب حتى (إطفيح ) في الشمال ، وكذلك من أفراد القبائل التي كانت تعيش في ( بلد النوبة ) مثل : ( إرثت ، إيام ، واوات ، المجا) ، وغيرها من القبائل ، ويذكر ( وني ) كيف أن النظام كان مستتبا بين جنوده .
وكانت حربه مع أناس ذكرهم بإسم ( عاموحريوشع ) أي القاطنين فوق الرمال في ( فلسطين ) ، ويذكر ( وني ) أيضا من أن ثورة قامت في تلك البلاد فأرسله الملك لإخمادها ، فجهز جيشين وسار الى داخل تلك البلاد وانتصر عليهم وقمع تلك الثورة .
وفي عهد ( الملك مري إن رع ) زاد من قدر ( القائد وني ) فعينه حاكما على ( الصعيد ) كله ، وأسند مهمة إحضار الجرانيت اللازم لهرمه و معابده من منطقة ( أسوان ) و إحضار المرمر من محاجر ( حنتوب ) في محافظة ( أسيوط ) .
وكان آخر عمل كبير يقوم به ( وني ) هو حفره لخمس قنوات في صخور الشلال الأول لتسهيل سير السفن ، وقد أتم ذلك في عام واحد .
ويذكر ( وني ) أن كل ماناله من تكريم كان بسبب تفانيه في تنفيذ أوامر الملك . ويختم نقشه بقوله أنه كان محبوبا من أبيه ممدوحا من أمه ، ويذكر اسمه مسبوقا بأعظم لقب ناله وهو لقب ( حاكم الوجه القبلي ) .
وكان من نتائج حملة ( وني ) أن سهلت التجارة مع دول الشمال من مصر كما أصبح لمصر نفوذ على بلاد الشمال وبلاد الجنوب من مصر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسرتان السابعة و الثامنة :
صورت لنا بردية " ايبو-ور" حالة مصر في اخر أيام الاسرة السادسة خير تمثيل ( سوف نتطرق لهذه البردية في الفصول التالية ) فقد انهارت السلظة المركزية في البلاد وأصبحت حدودها مفتوحة ، وما لبثت أن وفدت جماعات كبيرة من البدو المقيمين على الحدود وبخاصة من الشرق وأخذوا ينهبون الناس ويذيعون الذعر في النفوس .
وبدلا من أن يقف رجال الأمن في وجه العابثين أصبحوا هم الآخرين ينهبون ويقتلون ، فلا عجب أن قامت ثورة عارمة على الأوضاع المتردية التي كانت تمر بها مصر في ذلك الوقت .
يذكر المؤرخ " مانيتون " أنه بعد سقوط الأسرة السادسة قامت الأسرة السايعة ، وحكم 70 من ملوكها مدة 70 يوما .
ومهما حاولنا تفسير ذلك لا يمكننا أن نجد ما نستطيع أن نسميه جوابا مقنعا ، وأقرب شيء إلى العقل هو أنه ربما اجتمع 70 من كبار الموظفين و حكام الأقاليم وكونوا من أنفسهم هيئة حاكمة يطلق على كل واحد من أولئك السبعين لقب ملك أو حاكم ، ولكن هذا النظام أو بعبارة أخرى هذا النوع من الحكم الذي لم يعتد عليه المصريون ، لم يجد قيولا منهم فلم يستمر أكثر من 70 يوما .
وسبب تسمية هذا العصر بعصر الانتقال أول بعض المؤرخين أسموه عصر الإضمحلال الأول في الفترة من (2280-2052 ق.م) وسبب هذه التسمية هو أنه قد انتشرت فى البلاد فى هذه الفترة الفوضى والاضطرابات، وطمعت فى أرض مصر قبائل البدو الآسيويين الذين هاجموا حدود البلاد، وسيطروا على بعض أجزائها .
الأسرتان التاسعة والعاشرة ( ملوك أهناسيا ) :
ظهرت أسرة قوية في منطقة " أهناسيا " عند مدخل منخفض " الفيوم " في محافظة " بني سويف " استطاعت تأسيس الأسرتين التاسعة والعاشرة ، وبسطت نفوذها على أقاليم مصر الوسطى وعلى الدلتا .
غير ان " أسرة أهناسيا " لم تنجح في اعادة الوحدة الى البلاد ، وإذ نافستهم أسرة قوية ظهرت في " طيبة " ( الأقصر حاليا ) واستطاع أمراؤها القضاء على الأسرة العاشرة في " أهناسيا " ، وإقامة أسرة جديدة هي الأسرة الحادية عشرة ، التي بها يبدأ عصر الدولة الوسطى .
إن قصة القروي الفصيح ألفها أديب في العصر الإهناسي أو فيما بعده بقليل ، ليصور بما هو كائن فعلا في عصره من أوضاع الحكم و الإدارة ، ويعقب عليه بما كان يرجو أن يسود عصره من أوضاع مستحبة بيين الحكام والمحكومين .
وتروي القصة أن قرويا يسمى " خون إنبو " خرج من بلدة تسمى " غيط الملح " وهي بلدة من نواحي " الفيوم " وترك زوجته ماريا و اولادها وترك لهم جانبا مما كان يدخره من الغلال ، وحمل حميره ببضاعة متواضعة من نطرون و أعشاب و جلود و احجار كريمة ابتغاء أن يتجر بها في مدينة " أهناسيا " عاصمة الملك في عهده .
ومر في طريقه على قرية تسمى " برفيفي " كان يتولى أمرها موظف فاسد يدعى " تحوتي نخت " أو " نمتي نخت " نيابة عن موظف آخر كبير كان يرأس نظارة الخاصة الملكية ويدعى " رنسي بن مرو " ، وطمع " نمتي نخت " في تجارة القروي و حميره و أراد أن يكون له نصيب منها ، فاعترضه على طريق زراعي ضيق كان لا بد أن يمر عليه ، وأوعز الى خادمه أن يبسط على الطريق قماشا يغطيه بالعرض ، ولما تقدم القروي على الطريق نهاه " نمتي نخت " أن يمر على قماشه المبسوط ، فاعتذر القروي وابتعد عن القماش وسار قرب الزراعة ، فنهره مرة أخرى..
وفجأة قضم أحد حمير القروي قضمة من سنابل الغلال فاعتبرها " نمتي نخت " فرصته وأصر على أن يستولي على الحمار جزاء جرمه ، فاحتج القروي وهدد بإبلاغ الأمر الى ناظر الخاصة وصاحب الأرض ، فغضب " نمتي نخت " وأخذته العزة بالإثم واستولى على بضاعة الرجل وحميره كلها ، فبكى القروي واشتد عويله ، فنهره " نمتي نخت " في صفاقة غريبة قائلا له : " لا ترفع صوتك يافلاح ، أنت قريب من بلد السكون ... " وكان رب السكون هذا هو المعبود " أوزير " ، ويبدو أنه كان له ضريح قريب من " برفيفي " يهابه الناس ويحترمونه .
ولكن القروي لم يهتم به وقال بلهجته الريفية اللطيفة : " تضربني وتنهب متاعي وتوقف الشكوى على لساني ؟ يارب السكون أعطني إذا حاجتي حتى أبطل الصراخ الذي يغضبك .
واستمر القروي في طيلة عشرة أيام يشكو حينا و يسترحم حينا ، ولكن بغير طائل ، فاتخذ سبيله الى العاصمة " أهناسيا " ليشكو بلاه الى ناظر الخاصة " رنسي " فقابل القروي ناظر الخاصة ووجه اليه استعطافا رقيقا لينا حاول ان يستثير به نخوته ، وكان من قوله له : " اذا كنت حقا أبا لليتيم ، وزوجا للأرمل ، وأخا للمطلقة ، ورداء لمن لا أم له ، .......... ، وها أنذا أقول وأنت تسمع . أقم العدل أمدحك ويمدحك المادحون أزل معاناتي فقد ثقلت ، واحمني فقد ضعت ... " .
وفعل استعطاف ومديح القروي فعله لدى ناظر الخاصة ، فأعجب به و أسرع الى فرعونه وهو يقول : " مولاي وجدت واحدا من أولئك القرويين جيد الكلم يتحدث الصواب نهب متاعه و أتاني يتظلم إلي " .
وقص القروي قصت على الفرعون ، فكفل الملك ناظر الخاصة بأن يتكفل برزق زوجة القروي وعياله طيلة المدة التي سوف يبقى فيها في " أهناسيا " .
وتصور القروي " خون إنبو " أن الحاكم يشبه دفة السفينة التي تحدد مسيرتها ، ويشبه السند الذي يعتمد الناس عليه ، وشبه خيط الميزان في دقة تعبيره عن وزن الأمور ، وقال لناظر الخاصة و هو يشكوه الى نفسه : " أيها الدفة لاتنحرف ، ويا أيها السند لاتميل ، ويا أيها الخيط لاتتذبذب ....... ".
وأطال القروي في شكايته ، ولما فرغ منها استدعاه ناظر الخاصة ، فتوقع الرجل أن تكون الدعوة لمقتله ، وأخذ يروض نفسه على ملاقاة الموت في شجاعة ، ولكن ناظر الخاصة " رنسي " طمأنه وأراه شكواه منسوخة على برديات جديدة أعدها ليعرضها على الفرعون شخصيا ، فلما عرضها على مولاه امره بأن يقضي في القضية بنفسه ، فقضى بتجريد " نمتي نخت " من ممتلكاته ، ووهبها للقروي فضلا عن حميره و بضاعته .
المملكة الوسطى في التاريخ المصري القديم تتمثّل في حكم الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة، وازدهرت في الفترة الثانية عندما اعتلى العرش أمنمحات وزير جنوب مصر الذي نقل العاصمة إلى إت ـ تاوي قرب ممفيس. استطاع أمنمحات وخلفاؤه الأقوياء أمثال سنوسرت الأول وسنوسرت الثاني وأمنمحات الثالث، أن يعيدوا لمصر ثراءها وقوتها. وخلال حكم الأسرة الثانية عشرة احتلت مصر بلاد النوبة، وأنعشت التجارة مع فلسطين وسوريا في جنوب غربي آسيا، كما ازدهرت العمارة والأدب وغيرهما من الفنون. وانتهت فترة الأسرة الثانية عشرة عام 1786ق.م .
قاد عدد من الأسر التالية ملُوكٌ ضعفاء، حيث انتشر مستوطنون من آسيا يطلق عليهم الهكسوس في كلّ دلتا النيل، ثم استولوا على السلطة في مصر حوالي 1670ق.م. وخلال الحرب استخدم الهكسوس العربات التي تَجُرها الخيول والأقواس المطوّرة، وغيرها من الأدوات غير المعروفة لدى المصريين. وقد حم ملوك الهكسوس مصر حوالي مائة سنة.
الأسرة الحادية عشرة :
نشأة حكام طيبة وتأسيس الأسرة :
نشأ في طيبة منذ أيام الأسرة السادسة بيت حاكم ، كما حدث في أكثر الأقاليم عندما ضعفت الحكومة المركزية في منف ، وقطع بعض أولئك الحكام مقابرهم في صخور تلال جبانة طيبة في البر الغربي من النيل حيث يوجد عدد قليل منها بين مقابر العصور الأخرى .
ومؤسس هذا البيت الذي سمي بإسم الأسرة الحادية عشرة فيما بعد ، يسمى " إنيوتف " ، ( يكتبه أحيانا بعض الأثريين أنتف ) ، ولا نعرف عنه أكثر من أنه كان مؤسس هذا البيت و أن أمه تسمى " إكو " و أن أهل طيبة فيما تلا ذلك من الأيام كانوا ينظرون إليه نظرة تقديس خاصة وكانوا يلتمسون بركته .
وورد اسم هذا الشخص أيضا في " لوحة الاجداد " التي أقامها " تحوتمس الثالث " في الكرنك كأول حاكم للأسرة الحادية عشرة ، ولكنهم لم يكتبوا إسمه في خانة ملكية بل اكتقوا بأنهم كتبوا ألقابه " الحاكم و الأمير الوراثي إنيوتف المبجل " .
وفي وقت من الاوقات في أواخر أيام حكمه ، كتب إنيوتف هذا وكان يسمى أيضا " سهر تاوي " أو " مهدئ الأرضين " ، وأصبح معروفا لنا بإسم " إنيوتف الأول " ، وأحاط نفسه برجال البلاط ، ودفن في قبر كبير أمامه صف من الأعمدة المقطوعة في الصخر ، وكان هناك هرم من الطوب فوق قبره في جهة الطارف ، وهي المنطقة الشمالية من جبانة طيبة .
وتلا أنيوتف الأول كل من :
- إنيوتف الثاني .
- إنيوتف الثالث .
- منتوحوتب الأول .
- منتوحوتب الثاني .
الأسرة الثانية عشرة :
أمنمحات الأول :
كان "إمنمحات الأول" وزيراً لآخر ملوك الأسرة الحادية عشرة، ولما مات الملك دون وريث، أعلن "إمنمحات" نفسه ملكاً على مصر. وبذل جهداً كبيراً لإخضاع حكام الأقاليم لسلطانه. كما اتخذ عاصمة جديدة فى موقع متوسط بين الوجهين القبلى والبحرى هى "إثيت تاوى" ومعناها القابضة على الأرضين، ومكانها حالياً قرية "اللشت" جنوب مدينة "العياط" بمحافظة الجيزة. قضى "إمنمحات الأول" على غارات الآسيويين والليبيين على أطراف الدلتا، ونجح فى تأديب العصاة فى بلاد النوبة.
الملك سنوسرت الثالث :
من أهم ملوك الأسرة الثانية عشرة، نظراً لقدرته الإدارية والعسكرية. قاد الحملات بنفسه إلى بلاد النوبة، وأقام بها سلسلة من الحصون أهمها قلعتا "سمنة وقمنة" فيما وراء الجندل الثانى على حدود مصر الجنوبية عند "وادى حلفا". ومدّ حدود مصر إلى ما وراء حدود آبائه، وزاد فيها، وناشد خلفاءه أن يحافظوا على تلك الحدود . :
"إن من يحافظ من أبنائى على هذه الحدود التى أقمتها فإنه ابنى وولدى وإنه لأشبهه بالابن الذى حمى أباه والذى حفظ حدود من أعقبه ، أما الذى يهملها ولا يحارب من أجلها فليس بابنى ولم يولد منى" من نقش للملك "سنوسرت الثالث" على أحد النصب التى أقامها فى بلاد النوبة.
أمر الملك "سنوسرت الثالث" بحفر قناة فى شرق الدلتا تصل بين أقصى فروع النيل شرقاً، وخليج السويس،وهى أقدم اتصال مائى بين البحرين الأحمر والمتوسط، وقد سماها الإغريق "قناة سيزوستريس" نسبة إلى الملك "سنوسرت الثالث". ومن الفوائد التى عادت على البلاد من حفر "قناة سيزوستريس" ازدياد النشاط التجارى وتوثيق الصلات التجارية بين مصر وبلاد "بونت" (الصومال الحالية)، وأيضاً ازدياد النشاط التجارى بين مصر وبلاد الشام، وجزر البحر المتوسط، مثل كريت وقبرص.
الملك إمنمحات الثالث :
تمثال من الجرانيت للملك "أمنمحات الثالث"، وهو معروض بالمتحف البريطانى فى لندن.. وجه الملك "إمنمحات الثالث" (من ملوك الأسرة الثانية عشرة) جهده للتنمية واستثمار موارد البلاد الطبيعية.
وارتبط اسمه بعمله العظيم فى منطقة الفيوم، إذ بنى سداً لحجز المياه عند "اللاهون" أنقذ به مساحة كبيرة من الأراضى كانت ضائعة فى مياه الفيضان، وأضافها إلى المساحة المزروعة فى مصر، وقد عرف هذا السد فيما بعد بـ"سد اللاهون".
كما أقام الملك "إمنمحات الثالث" مقياساً فى الجنوب عند قلعة "سمنة" للتعرف على ارتفاع الفيضان، والذى كان يتم على أساسه تقدير الضرائب.
وبنى هرمه الشهير عند بلدة "هوارة" بالفيوم، وأقام معبداً ضخماً أطلق عليه فيما بعد "قصر التيه" لتعدد حجراته، حيث كان من الصعب على الزائر الخروج منه بعد دخوله. كتب المؤرخ اليونانى "هيرودوت" يصف قصر التيه: "إنه يفوق الوصف، يتكون من 12 بهواً، ومن 3 آلاف غرفة، نصفها تحت الأرض، ونصفها الآخر فوقها، والغرف العليا تفوق ما أخرجه الإنسان من آثار، إذ أن سقوفها كلها قد شيدت من الأحجار، ويحيط بكل بهو أعمدة مصنوعة من الأحجار البيضاء .
قبل الدخول في فترة عصر الانتقال الثاني أو عهد حكم ماعرف بالهكسوس لمصر كنت أفضل أن أتكلم قليلا عن الفن في عصر الدولة القديمة ةهي تشمل الأسرات 3 و 4 و 5 و 6 :
الفن في عصر الدولة القديمة
إن تماثيل الملوك والخاصة، وكذلك اللوحات المصورة والمحفورة، عكست مفاهيم فنية، هدفها خدمة طقوس الآلهة والملوك والموتى.
ونجد للتماثيل الملكية أوضاعا تقليدية ذات خطوط مثالية للوجه، تسعى لتصوير الشخصيات الملكية، في بنيان جسدي قوي، وأحيانا مع بعض اللمسات الواقعية، التي هي أقل حدة لتفاصيل الوجه.
ولعلنا نستطيع تتبع ذلك في تمثال زوسر، والتمثال الوحيد المتبقي للملك خوفو، ونماذج الملك خفرع بالأحجار المختلفة، والمجموعات الثلاثية للملك منكاو رع، ورأس الملك أوسركاف.
أما تماثيل الخاصة، فقد اتبعت نفس المفاهيم الفنية، ولكن كانت لديها حرية أكبر في الحركة، وتنوع أكثر لأوضاعهم.
وقد حفر الفنانون تماثيل جالسة للكتاب، وتماثيل لأشخاص واقفة أو راكعة أو عابدة، وأخرى منشغلة بالأعمال المنزلية.
وأمثلة لذلك، نجدها في تماثيل الأمير رع حتب وزوجته نفرت، اللذين يبدوان كأشخاص حقيقية، بسبب ألوانهم وعيونهم المطعمة.
ونراها أيضا في التمثال الخشبي لكاعبر ذو الخطوط الواقعية في حفر وجهه وجسده، وكذلك جزعه الآخر وجزع زوجته، جميعهم أمثلة جيدة لتماثيل الخاصة في تلك الحقبة.
اللوحات المحفورة والمصورة، بدأت بملء الفراغات الموجودة على جدران المعابد والمقابر، لتصوير أنشطة الحياة اليومية في المنازل والضيعات والورش.
وكانت هناك أيضا مناظر ترفيهية، وأخرى تصور تقديم القرابين. هذه المناظر نفذت أحيانا بحركات حرة، لمجموعات العمال، وكذلك الحيوانات والطيور.
الحفر البارز والحفر الغائر، واللوحات المصورة، قد نفذت بنسب جيدة، وتفاصيل دقيقة، خاصة تلك الموجودة في مقابر سقارة
الهيروغليفية
كان النظام الأساسي للكتابة في مصر القديمة بالعلامات الهيروغليفية التي بدأت تأخذ شكلها حوالي عام 3000 ق.م وبلغت المستوى المعياري المقبول في وقت مبكر من الأسرة الأولى. وهناك آلاف العلامات التي وصفها قدماء المصريين بأنها "كلمات مقدسة".
وتأتي كلمة "هيروغليفي" من اللغة اليونانية، وفيها: "هيروس" بمعنى مقدس، "جلوبتين" بمعنى نص مكتوب منقوش؛ حيث ظنها الإغريق تستخدم فقط للنقش على الآثار أو النـُّصب التي شيدت لكي تبقى إلى الأبد.
وكانت الحروف (العلامات) الهيروغليفية تنحت أو ترسم على جدران المعابد والمقابر، وعلى أدوات الدفن، وعلى اللوحات بجميع أنواعها، وعلى قطع الحلي، وعلى الأبواب الوهمية.
وتـُعنى النصوص الهيروغليفية بكافة الأمور التي يراد لها أن تبقى مكتوبة إلى الأبد؛ وخاصة النصوص الدينية والتاريخية والسياسية والسيَر.
وتمثل كل علامة هيروغليفية شيئا واقعيا له وجود فعلي في الحياة اليومية المصرية القديمة: مثل النباتات وأجزاء الجسد والأشكال الهندسية والطيور. وقد تستخدم تلك العلامات لكتابة الكلمة، أو الشكل (فتسمى إيديوجرام) أو لكي تعطي نطق الكلمة، أو الصوت (فتسمى فونوجرام).
ولم تفقد الهيروغليفية أبدا خصائصها التصويرية، وذهبت ارتباطاتها الفنية الجمالية إلى ما وراء شكل العلامات؛ لكي تشتمل على مجموعات ألفاظ وتوليفات نصوص وصور.
ويمكن أن يقرأ النص الهيروغليفي في اتجاهين مختلفين، إما في أسطر رأسية أو أفقية؛ من اليمين إلى اليسار أو العكس، خاصة عندما يسهم الأخير في تحقيق التماثل مع نص آخر؛ فيُقرأ الاثنان باتجاه المحور الأوسط للنُّصب أو الأثر: كما هو الحال مع الباب الوهمي للمدعو "إيكا". ولا تتوفر هذه الخصائص أبدا في الكتابة الهيراطيقية والديموطيقية للنصوص.
وكانت الهيروغليفية المختصرة والجارية (المتصلة) قليلا - تكتب بالحبر، وفي العادة من اليمين إلى اليسار، مثلا: "كتاب أمديوات" و "كتاب الموتى". وتوجد آخر النصوص التي كتبت بالهيروغليفية بجزيرة فيلا، وترجع إلى القرن الرابع الميلادي.
وقد هجرت الكتابة الهيروغليفية فيما بعد، لأنها اعتبرت جزءا من التراث "الوثني" لمصر؛ وبالتالي غير مناسبة لكتابة النصوص المسيحية.
وأصبحت اللغة المصرية القديمة، بعد القرن الرابع الميلادي، تكتب بالحروف الإغريقية الاستهلالية (الكبيرة)، بالإضافة إلى ستة أحرف مشتقة من العلامات الديموطيقية؛ للتعويض عن القيم الصوتية التي لا وجود لها في اللغة اليونانية.
أما عن الحضارات التي سادت مصر في مرحلة ما قبل الأسرات الملكية عصر ماقبل الأسرات4500-3200 ق.م وهي :
مرمدة بني سلامة:
وهي تقع في دلتا نهر النيل و كانوا أهالى هذه المرمدة يقيمون مجتمعاتهم بالقرب من حواف وشطآن المستنقعات، وتحت حماية النباتات الكثيفة التي كانت تعمل كمصدات للهواء. كما عثر أيضا على مجموعة كبيرة من الاكواخ الواطئة البيضاوية الشكل والتي بنيت من كتل الطين الجاف وفي كل منها كان يوجد اناء واسع الفم مثبت في الارض حيث كان يستخدم لتجميع مياه الامطار التي تتسلل خلال السقف المصنوع من القش .
وكانوا ينفردون بطريقة فريدة للدفن حيث كانوا يدفنون موتاهم على الجانب الأيسر تحت أرضيات المساكن .
حضارة الفيوم:
وهي تقع على الضفة الغربية للنيل شمال القاهرة وترجع الى عام 4400 ق.م وقد استمرت 1000 عام ومن بقايا الفخار الذي وجد لم يعثر الباحثون في مركز حضارتها على آثار للموتى والغالب أنهم قد دفنوا في مكان بعيد .
حضارة البداري:
وهي قرية في الصعيد على الضفة الشرقية لنهر النيل وأهم مايميز البداريون انهم كانوا يؤمنون بالبعث ( الحياة الثانية بعد الموت ) وكانوا يلفون موتاهم بالحصير ويدفنونهم مع حيواناتهم المحببة أو بعض التمماثيل للحيوانات او النساء او الطيور .
حضارة تاسا:
وهي في الصعيد على الضفة الشرقية لنهر النيل شمال قرية بداري وتعود الى حوالي عام 4200 ق.م عثر فيها على الفؤوس وأقداح وكؤوس على هيئة الزهر وأدوات زينة تكاد تقتصر على خرزات من صدف او عظم او عاج .
حضارة نقادة:
وتقع في الصعيد على الشاطئ الغربي لنهر النيل ويرجع تاريخها الى عام 3600 ق.م وكان سكان هذه الحضارة عرفوا اللبن فبدؤيدعمون به جدران القبور وكانوا يدعون مع الميت في قبره الطعم والشراب والمتاع .
وكانت هذه الحضارة الممهدة لوحدة الحضارة المصرية التي ظهرت على وجه الأرض .
مدة حكم الأسرتين 420 سنة وكان مقر ملكهما مدينة "طينة" بعد أن وحد الملك "نعرمر مينا" مصر السفلى ومصر العليا اي الدلتا والصعيد ومعنى كلمة مينا المؤسس أو الخالد ، وتذكر لنا بعض المصادر التاريخية انه ربما يكون هو نفسه الملك العقرب ، ومن أهم الشواهد التي تدل على وجود هذا الملك وتأسيسه لوحدة مصر هو لوح الأردواز الذي وجد في منطقة هيراكونبوليس "العاصمة الجنوبية القديمة".
واذا نظرنا الى هذه اللوحة نرى اسم الملك نعرمر في واجهة القصر الملكي ، واذا نظرنا الى جوانب اللوح الاردوازي في الأعلى نرى نقشين على شكل بقرة تمثل الإلهة "حاتحور" آلهة الحب والجمال عند المصريين القدماء ووجودها في اللوحة تمثل حماية دينية للملك وقد كان الملك يمثل تارة بلبسه للتاج الأبيض "حدجت" والذي يمثل الجنوب في الصعيد وتارة أخرى يلبس التاج الاحمر "دشرت" والذي يمثل الشمال في الدلتا وقد صمم فيما بعد تاج مزدوج يجمع هذين التاجين معا في تاج واحد "سخم تي" ولا يسعنا المجال هنا لشرح هذه اللوحة أو صلاية الملك "نعرمر" ولكن الذي يهمنا من هذه الصلاية هو توحيد "نعرمر" لأرض مصر بقسميها الشمالي والجنوبي الدلتا والصعيد .
والمعلومات الموجودة عن هاتيين الأسرتين قليلة ولكن الذي عرفناه من قبل الأثريين ان ملوك هاتين الاسرتين كانوا أقوياء شديدي البأس وتقدمت مصر في عهدهم وأخذت الهندسة المعمارية ترقى والتجارة تزداد بين مصر وما جاورها من البلاد مثل شبه جزيرة العرب.
الأسرة الثالثة:
ومدة حكمها 80 سنة ( 2980 2900 ق.م ) وكان مقر حكمها مدينة "منف" أو "منفيس" ومؤسس هذه الأسرة هو الملك "زوسر" وقد دام حكمه 29 سنة ويعد الى الآن اول ملك بنى لنفسه مقبرتين :
المقبرة الاولى: بنى مقبرة على شكل مصطبة ضخمة من اللبن بمنحدر عميق وهي واقعة في شمال العرابة المدفونة في بيت خلاف وهي شيدت على اعتبار انه ملكا للوجه القبلي.
المقبرة الثانية: وقد شيدت على اعتبار انه ملكا للوجه البحري وهي واقعة على الهضبة التي فيها جبانة "منف" وهي المعروفة الآن "بسقارة" ، وهذه المقبرة تعد الى الان اقدم هرم في التاريخ وهو مايعرف "بهرم زوسر المدرج" والمهندس الذي وضع تصميم هذا البناء هو "امحوتب" وقد كان نابغا في الهندسة وراسخ العلم في الطب حتى انه اعتبر فيما بعد كإله للطب.
ويعد "زوسر" اول ملك توغل في نوبيا السفلى فيما وراء الشلال الى المحرقة في منتصف الطريق الى الشلال الثاني .
وقد خلف "زوسر" بعض الملوك الذين لايزال تاريخهم مبهما مثل الملك "سانخت" او "زوسر الثاني" وكل مانعرفه عنه انه بنى لنفسه مقبرة في منطقة "بيت خلاف" يالقرب من مقبرة "زوسر" وتولى العرش بعده الملك "حابا" او "خع با" ومن بعده الملك "نفركا" او "نب كاو"وهؤلاء لانعرف عنهم شيئا .
اما آخر ملوك الاسرة الثالثة فهو الملك "حو" او "حوني" ومعناه ( الضارب ) وقد اقام لنفسه هرما في "دهشور" في جنوب "سقارة" وهذا الهرم هو الحلقة الموصلة بين الهرم المدرج والهرم الكامل .
الأسرة الرابعة ( عصر بناة الأهرام ) :
انقضى عهد الاسرة الثالثة بوفاة سنفرو فأسس خوفو الاسرة الرابعة التي حكمت مصر قرنا ونصف ( 2900 2750 ق.م ) تقريبا ، ويرجح ان عاصمة ملكها كانت منف .
وفي عهد هذه الاسرة المشهورة التي يعتبرها الكثير اقوى واعظم الاسرات المصرية حيث بلغت مصر في عهدها ذروة المجد والحضارة ونستد على مبلغ القوة من تلك الاثار التي خلفتها والاهرامات خير شاهد على عظمة ملوكها حتى ان هرم خوفو الاكبر بل بالجيزة يعتبر من عجائب الدنيا السبعة ان لم يكن اعجبها واشهرها ، وكان القصد من بناء الاهرامات هو ايجاد مكان حصين لجثة الملك لا تتصل اليها الايدي .
واذا تأملنا بعظم هندسة بناء هذا الهرم عرفنا كيف كان نظام الحكومة وثراء البلاد ، ولما مات خوفو خلفه خفرع مشيد الهرم الثاني بالجيزة الاصغر ، وفي ايامه بدأت قوة الملك تضعف قليلا بازدياد قوة كهنة أون ( عين شمس ) الذين دخلوا في غمار سياسة البلاد .
وقيل ان تمثال ابو الهول الذي لايعلم يقينا صانعه ، عمل في زمن الاسرة الرابعة وقيل ان ارتفاعه يبلغ نحو 20 مترا وطوله نحو 46 مترا .
الملك خفرع )وهو من ملوك الأسرة الرابعة وقد تولى الحكم بعد أخوه جدفرع ، واتخذ خفرع الإسم الحوري " وسر إب " أي قوي القلب،
وقد تلقب خفرع بلقب " مارع " أي ابن رع ، وقد كانت من المرات الاولى التي يصرح ملك فيها ببنوته للإله رع أله الشمس ، ثم أصبحت تقليدا
ثابتا بعد عهده ، واكتملت ديباجة الألقاب الملكية الخمسة .
وكان للملك المصري هدفان من لقبه الجديد :
الأول : هو مسايرة مذهب الشمس في نشاطه الواضح السافر الممتد حتى عهده . ( وسوف أفرد ان شاء الله بحث ودراسة حول اللاهوت والطقوس والمعتقدات الدينية في مصر القديمة ).
الثاني : كان الهدف من اللقب الجديد هو رغبة الملك في التدليل على أنه يعتلي العرش بناء على بنوته للمعبود رع صاحب العرش المقدس القديم وبتفويض من ، كما تروي الأساطير الدينية ، وربما عن رغبة منه كذلك في أن يتبرك باسمه وأن يكتب له دوام مثل دوامه ، ولو خلال حياته الثانية .
أخذ كهنة أون أو كهنة رع بعين شمس يستبدون بأمر البلاد في أوائل وبقوا على هذه الحال نحو 120 سنة حتى تمكنوا من إسقاط الأسرة الرابعة وتأسيس الاسرة الخامسة التي حكمت 150 سنة وكان مقر حكمها مدينة منف .
ولما كان الفضل في تأسيسها يرجع الى الكهنة كان ملوكها ضعفاء فأتخذ حكام الاقاليم من هذا الضعف ذريعة الى جعل مناصبهم وراثية بيد انهم حافظوا على الولاء لمليكهم وساعدوه في العمل على الحفاظ على حضارة وتراث مصر ، حتى ان أوسركاف اول ملوك هذه الاسرة امتد نفوذه الى الجنادل الاولى للنيل ، وان الملك ساحورع الذي خلفه بعث حملة بحرية الى الشواطئ الفينيقية واخرى الى بلاد بونت وشواطئ خليج عدن الجنوبية ، كما ارسل حملة برية الى شبه جزيرة سيناء ، وان الملك اسيس ارسل حملة أخرى الى بلاد بونت وفتح محاجر وادي الحمامات ( الممتد بين قنا وبين القصير على البحر الأحمر ) ، وان الملك أوناس اخر ملوك هذه الاسرة وطد دعائم سلطانه جنوبا الى الجنادل الاولى .
ولهذه الاسرة اثار عديدة منتشرة في انحاء مختلفة في الوجه القبلي ومنف ، وأشهر اثارها هرم أوناس بجهة سقارة الكتوب على جدرانه من الداخل نصوص هيروغليفية تعرف بنصوص الاهرام .
كان أول اكتشاف لنصصوص الأهرام داخل هرم الملك " أوناس "
عام 1880م وقد عثر بعد ذلك على كثير من تلك النصوص في أهرام الاسرة السادسة في سقارة بل وفي بعض اهرام ملكاتها وليست هذه النصوص إلا مجموعة من تعاويذ مختلفة ، تحتوي على صلوات وبعض طقوس دينية وغيرها .
ويرجع تاريخ بعضها الى ماقبل ايان الاسرة الأولى ، بل ونجد فيها
إشارات الى تلك الحروب التي حدثت في مصر في اوائل ايامها مشارا اليها كحروب بين الآلهة المختلفة الذين كانوا معبودين في ذلك الوقت .
وقد أمكن جمعها ودراستها ومقارنة بعضها ببعض ومجموعها 714 تعويذة
وخير ترجمة لها مع التعقيب والشرح هي ترجمة العالم الالماني زيته باللغة الالمانية وترجمة أيضا الى الانجليزية من قبل العالم الانجلزي
مرسر .
الأسرة السادسة :
وحكمت 150 سنة ومقر ملكها مدينة منف ، وفي عهدها حافظت مصر على حضارتها ولكن زادت سلطة حكام الأقاليم فصاروا يلقبون بالأمراء العظام ومع ذلك كان للملك عليهم نفوذ كبير فتمكن بمساعدتهم من غزو بلاد اجنبية حيث ان بيبي الاول ارسل حملاته الى النوبة وفلسطين وفينيقية والى قبائل البدو الشمالية .
وتمكن ابنه " ري إن رع " بمساعدة أمراء الفنتين من حفر قناة في حجر الصوان بقرب الجنادل الاولى ليسهل عليه ارسال حملاته الى بلاد النوبة وذهب اليها بنفسه للاستكشاف ، وفي عهد بيبي الثاني الذى تولى حكم البلاد لزمن يعتبر اطول زمن لحكم ملك في التاريخ وهي 90 سنة أرسل الحملات الى افريقيا وبلاد بونت ، وكشفت جهات الجنادل العليا وزادت العلاقات التجارية مع السودان وبلاد بونت ولبنان وجزر بحر ايجة .
ولما مات بيبي الثاني خلفه عدة ملوك ضعفاء لم يلبث حكام الاقاليم في عهدهم ان استبدوا بأمر الملك ووقعت مصر في فوضى وانقسمت البلاد على نفسها فكان ختام عهد هذه الاسرة التي تعد اخر الاسرات القديمة مملوءا بالفتن و الحروب الداخلية وانتهت بسقوط الاسرة السادسة التي تعد اخر أسرات الدولة القديمة .
ومن ملوك هذه الاسرة المشهورين الملكة ينتوكريس التي اتمت هرم الجيزة الثاث هرم الملك منقرع .
كان ضعف سلطة الملوك في الأسرة الخامسة مشجعا لبعض كبار الموظفين على أن يتباهوا في مقابرهم بما فعلوه من أعمال جليلة ، وربما كان أهم نقش بل وأهم وثيقة تاريخية خلفتها لنا الأسرة السادسة ، هي ( لوحة وني ) الموجودة قي قبره في
( أبيدوس ) وهي الآن بالمتحف المصري .
ويقص علينا ( وني ) كيف أنه بدأ حياته في الحكومة في عهد ( الملك تيتي ) أول ملوك الأسرة السادسة ثم ترقى الى ان أصبح مديرا لكتب الزراعة ومديرا لأراضي الملك ، ويذكر لنا انه في عهد ( الملك بيبي الأول ) أسند اليه وظيفة كبرى في القضاء وهي وظيفة ( قاضي نخن ) ، حتى أنه كان يحقق في قضايا الملك الخاصة بحريمه .
ويقص علينا ( وني ) أيضا كيف أسندت اليه مهمة تأليف جيش عدد رجاله عشرات الآلاف من جميع الوجه القبلي ، من ( الفنتين ) في الجنوب حتى (إطفيح ) في الشمال ، وكذلك من أفراد القبائل التي كانت تعيش في ( بلد النوبة ) مثل : ( إرثت ، إيام ، واوات ، المجا) ، وغيرها من القبائل ، ويذكر ( وني ) كيف أن النظام كان مستتبا بين جنوده .
وكانت حربه مع أناس ذكرهم بإسم ( عاموحريوشع ) أي القاطنين فوق الرمال في ( فلسطين ) ، ويذكر ( وني ) أيضا من أن ثورة قامت في تلك البلاد فأرسله الملك لإخمادها ، فجهز جيشين وسار الى داخل تلك البلاد وانتصر عليهم وقمع تلك الثورة .
وفي عهد ( الملك مري إن رع ) زاد من قدر ( القائد وني ) فعينه حاكما على ( الصعيد ) كله ، وأسند مهمة إحضار الجرانيت اللازم لهرمه و معابده من منطقة ( أسوان ) و إحضار المرمر من محاجر ( حنتوب ) في محافظة ( أسيوط ) .
وكان آخر عمل كبير يقوم به ( وني ) هو حفره لخمس قنوات في صخور الشلال الأول لتسهيل سير السفن ، وقد أتم ذلك في عام واحد .
ويذكر ( وني ) أن كل ماناله من تكريم كان بسبب تفانيه في تنفيذ أوامر الملك . ويختم نقشه بقوله أنه كان محبوبا من أبيه ممدوحا من أمه ، ويذكر اسمه مسبوقا بأعظم لقب ناله وهو لقب ( حاكم الوجه القبلي ) .
وكان من نتائج حملة ( وني ) أن سهلت التجارة مع دول الشمال من مصر كما أصبح لمصر نفوذ على بلاد الشمال وبلاد الجنوب من مصر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأسرتان السابعة و الثامنة :
صورت لنا بردية " ايبو-ور" حالة مصر في اخر أيام الاسرة السادسة خير تمثيل ( سوف نتطرق لهذه البردية في الفصول التالية ) فقد انهارت السلظة المركزية في البلاد وأصبحت حدودها مفتوحة ، وما لبثت أن وفدت جماعات كبيرة من البدو المقيمين على الحدود وبخاصة من الشرق وأخذوا ينهبون الناس ويذيعون الذعر في النفوس .
وبدلا من أن يقف رجال الأمن في وجه العابثين أصبحوا هم الآخرين ينهبون ويقتلون ، فلا عجب أن قامت ثورة عارمة على الأوضاع المتردية التي كانت تمر بها مصر في ذلك الوقت .
يذكر المؤرخ " مانيتون " أنه بعد سقوط الأسرة السادسة قامت الأسرة السايعة ، وحكم 70 من ملوكها مدة 70 يوما .
ومهما حاولنا تفسير ذلك لا يمكننا أن نجد ما نستطيع أن نسميه جوابا مقنعا ، وأقرب شيء إلى العقل هو أنه ربما اجتمع 70 من كبار الموظفين و حكام الأقاليم وكونوا من أنفسهم هيئة حاكمة يطلق على كل واحد من أولئك السبعين لقب ملك أو حاكم ، ولكن هذا النظام أو بعبارة أخرى هذا النوع من الحكم الذي لم يعتد عليه المصريون ، لم يجد قيولا منهم فلم يستمر أكثر من 70 يوما .
وسبب تسمية هذا العصر بعصر الانتقال أول بعض المؤرخين أسموه عصر الإضمحلال الأول في الفترة من (2280-2052 ق.م) وسبب هذه التسمية هو أنه قد انتشرت فى البلاد فى هذه الفترة الفوضى والاضطرابات، وطمعت فى أرض مصر قبائل البدو الآسيويين الذين هاجموا حدود البلاد، وسيطروا على بعض أجزائها .
الأسرتان التاسعة والعاشرة ( ملوك أهناسيا ) :
ظهرت أسرة قوية في منطقة " أهناسيا " عند مدخل منخفض " الفيوم " في محافظة " بني سويف " استطاعت تأسيس الأسرتين التاسعة والعاشرة ، وبسطت نفوذها على أقاليم مصر الوسطى وعلى الدلتا .
غير ان " أسرة أهناسيا " لم تنجح في اعادة الوحدة الى البلاد ، وإذ نافستهم أسرة قوية ظهرت في " طيبة " ( الأقصر حاليا ) واستطاع أمراؤها القضاء على الأسرة العاشرة في " أهناسيا " ، وإقامة أسرة جديدة هي الأسرة الحادية عشرة ، التي بها يبدأ عصر الدولة الوسطى .
إن قصة القروي الفصيح ألفها أديب في العصر الإهناسي أو فيما بعده بقليل ، ليصور بما هو كائن فعلا في عصره من أوضاع الحكم و الإدارة ، ويعقب عليه بما كان يرجو أن يسود عصره من أوضاع مستحبة بيين الحكام والمحكومين .
وتروي القصة أن قرويا يسمى " خون إنبو " خرج من بلدة تسمى " غيط الملح " وهي بلدة من نواحي " الفيوم " وترك زوجته ماريا و اولادها وترك لهم جانبا مما كان يدخره من الغلال ، وحمل حميره ببضاعة متواضعة من نطرون و أعشاب و جلود و احجار كريمة ابتغاء أن يتجر بها في مدينة " أهناسيا " عاصمة الملك في عهده .
ومر في طريقه على قرية تسمى " برفيفي " كان يتولى أمرها موظف فاسد يدعى " تحوتي نخت " أو " نمتي نخت " نيابة عن موظف آخر كبير كان يرأس نظارة الخاصة الملكية ويدعى " رنسي بن مرو " ، وطمع " نمتي نخت " في تجارة القروي و حميره و أراد أن يكون له نصيب منها ، فاعترضه على طريق زراعي ضيق كان لا بد أن يمر عليه ، وأوعز الى خادمه أن يبسط على الطريق قماشا يغطيه بالعرض ، ولما تقدم القروي على الطريق نهاه " نمتي نخت " أن يمر على قماشه المبسوط ، فاعتذر القروي وابتعد عن القماش وسار قرب الزراعة ، فنهره مرة أخرى..
وفجأة قضم أحد حمير القروي قضمة من سنابل الغلال فاعتبرها " نمتي نخت " فرصته وأصر على أن يستولي على الحمار جزاء جرمه ، فاحتج القروي وهدد بإبلاغ الأمر الى ناظر الخاصة وصاحب الأرض ، فغضب " نمتي نخت " وأخذته العزة بالإثم واستولى على بضاعة الرجل وحميره كلها ، فبكى القروي واشتد عويله ، فنهره " نمتي نخت " في صفاقة غريبة قائلا له : " لا ترفع صوتك يافلاح ، أنت قريب من بلد السكون ... " وكان رب السكون هذا هو المعبود " أوزير " ، ويبدو أنه كان له ضريح قريب من " برفيفي " يهابه الناس ويحترمونه .
ولكن القروي لم يهتم به وقال بلهجته الريفية اللطيفة : " تضربني وتنهب متاعي وتوقف الشكوى على لساني ؟ يارب السكون أعطني إذا حاجتي حتى أبطل الصراخ الذي يغضبك .
واستمر القروي في طيلة عشرة أيام يشكو حينا و يسترحم حينا ، ولكن بغير طائل ، فاتخذ سبيله الى العاصمة " أهناسيا " ليشكو بلاه الى ناظر الخاصة " رنسي " فقابل القروي ناظر الخاصة ووجه اليه استعطافا رقيقا لينا حاول ان يستثير به نخوته ، وكان من قوله له : " اذا كنت حقا أبا لليتيم ، وزوجا للأرمل ، وأخا للمطلقة ، ورداء لمن لا أم له ، .......... ، وها أنذا أقول وأنت تسمع . أقم العدل أمدحك ويمدحك المادحون أزل معاناتي فقد ثقلت ، واحمني فقد ضعت ... " .
وفعل استعطاف ومديح القروي فعله لدى ناظر الخاصة ، فأعجب به و أسرع الى فرعونه وهو يقول : " مولاي وجدت واحدا من أولئك القرويين جيد الكلم يتحدث الصواب نهب متاعه و أتاني يتظلم إلي " .
وقص القروي قصت على الفرعون ، فكفل الملك ناظر الخاصة بأن يتكفل برزق زوجة القروي وعياله طيلة المدة التي سوف يبقى فيها في " أهناسيا " .
وتصور القروي " خون إنبو " أن الحاكم يشبه دفة السفينة التي تحدد مسيرتها ، ويشبه السند الذي يعتمد الناس عليه ، وشبه خيط الميزان في دقة تعبيره عن وزن الأمور ، وقال لناظر الخاصة و هو يشكوه الى نفسه : " أيها الدفة لاتنحرف ، ويا أيها السند لاتميل ، ويا أيها الخيط لاتتذبذب ....... ".
وأطال القروي في شكايته ، ولما فرغ منها استدعاه ناظر الخاصة ، فتوقع الرجل أن تكون الدعوة لمقتله ، وأخذ يروض نفسه على ملاقاة الموت في شجاعة ، ولكن ناظر الخاصة " رنسي " طمأنه وأراه شكواه منسوخة على برديات جديدة أعدها ليعرضها على الفرعون شخصيا ، فلما عرضها على مولاه امره بأن يقضي في القضية بنفسه ، فقضى بتجريد " نمتي نخت " من ممتلكاته ، ووهبها للقروي فضلا عن حميره و بضاعته .
المملكة الوسطى في التاريخ المصري القديم تتمثّل في حكم الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة، وازدهرت في الفترة الثانية عندما اعتلى العرش أمنمحات وزير جنوب مصر الذي نقل العاصمة إلى إت ـ تاوي قرب ممفيس. استطاع أمنمحات وخلفاؤه الأقوياء أمثال سنوسرت الأول وسنوسرت الثاني وأمنمحات الثالث، أن يعيدوا لمصر ثراءها وقوتها. وخلال حكم الأسرة الثانية عشرة احتلت مصر بلاد النوبة، وأنعشت التجارة مع فلسطين وسوريا في جنوب غربي آسيا، كما ازدهرت العمارة والأدب وغيرهما من الفنون. وانتهت فترة الأسرة الثانية عشرة عام 1786ق.م .
قاد عدد من الأسر التالية ملُوكٌ ضعفاء، حيث انتشر مستوطنون من آسيا يطلق عليهم الهكسوس في كلّ دلتا النيل، ثم استولوا على السلطة في مصر حوالي 1670ق.م. وخلال الحرب استخدم الهكسوس العربات التي تَجُرها الخيول والأقواس المطوّرة، وغيرها من الأدوات غير المعروفة لدى المصريين. وقد حم ملوك الهكسوس مصر حوالي مائة سنة.
الأسرة الحادية عشرة :
نشأة حكام طيبة وتأسيس الأسرة :
نشأ في طيبة منذ أيام الأسرة السادسة بيت حاكم ، كما حدث في أكثر الأقاليم عندما ضعفت الحكومة المركزية في منف ، وقطع بعض أولئك الحكام مقابرهم في صخور تلال جبانة طيبة في البر الغربي من النيل حيث يوجد عدد قليل منها بين مقابر العصور الأخرى .
ومؤسس هذا البيت الذي سمي بإسم الأسرة الحادية عشرة فيما بعد ، يسمى " إنيوتف " ، ( يكتبه أحيانا بعض الأثريين أنتف ) ، ولا نعرف عنه أكثر من أنه كان مؤسس هذا البيت و أن أمه تسمى " إكو " و أن أهل طيبة فيما تلا ذلك من الأيام كانوا ينظرون إليه نظرة تقديس خاصة وكانوا يلتمسون بركته .
وورد اسم هذا الشخص أيضا في " لوحة الاجداد " التي أقامها " تحوتمس الثالث " في الكرنك كأول حاكم للأسرة الحادية عشرة ، ولكنهم لم يكتبوا إسمه في خانة ملكية بل اكتقوا بأنهم كتبوا ألقابه " الحاكم و الأمير الوراثي إنيوتف المبجل " .
وفي وقت من الاوقات في أواخر أيام حكمه ، كتب إنيوتف هذا وكان يسمى أيضا " سهر تاوي " أو " مهدئ الأرضين " ، وأصبح معروفا لنا بإسم " إنيوتف الأول " ، وأحاط نفسه برجال البلاط ، ودفن في قبر كبير أمامه صف من الأعمدة المقطوعة في الصخر ، وكان هناك هرم من الطوب فوق قبره في جهة الطارف ، وهي المنطقة الشمالية من جبانة طيبة .
وتلا أنيوتف الأول كل من :
- إنيوتف الثاني .
- إنيوتف الثالث .
- منتوحوتب الأول .
- منتوحوتب الثاني .
الأسرة الثانية عشرة :
أمنمحات الأول :
كان "إمنمحات الأول" وزيراً لآخر ملوك الأسرة الحادية عشرة، ولما مات الملك دون وريث، أعلن "إمنمحات" نفسه ملكاً على مصر. وبذل جهداً كبيراً لإخضاع حكام الأقاليم لسلطانه. كما اتخذ عاصمة جديدة فى موقع متوسط بين الوجهين القبلى والبحرى هى "إثيت تاوى" ومعناها القابضة على الأرضين، ومكانها حالياً قرية "اللشت" جنوب مدينة "العياط" بمحافظة الجيزة. قضى "إمنمحات الأول" على غارات الآسيويين والليبيين على أطراف الدلتا، ونجح فى تأديب العصاة فى بلاد النوبة.
الملك سنوسرت الثالث :
من أهم ملوك الأسرة الثانية عشرة، نظراً لقدرته الإدارية والعسكرية. قاد الحملات بنفسه إلى بلاد النوبة، وأقام بها سلسلة من الحصون أهمها قلعتا "سمنة وقمنة" فيما وراء الجندل الثانى على حدود مصر الجنوبية عند "وادى حلفا". ومدّ حدود مصر إلى ما وراء حدود آبائه، وزاد فيها، وناشد خلفاءه أن يحافظوا على تلك الحدود . :
"إن من يحافظ من أبنائى على هذه الحدود التى أقمتها فإنه ابنى وولدى وإنه لأشبهه بالابن الذى حمى أباه والذى حفظ حدود من أعقبه ، أما الذى يهملها ولا يحارب من أجلها فليس بابنى ولم يولد منى" من نقش للملك "سنوسرت الثالث" على أحد النصب التى أقامها فى بلاد النوبة.
أمر الملك "سنوسرت الثالث" بحفر قناة فى شرق الدلتا تصل بين أقصى فروع النيل شرقاً، وخليج السويس،وهى أقدم اتصال مائى بين البحرين الأحمر والمتوسط، وقد سماها الإغريق "قناة سيزوستريس" نسبة إلى الملك "سنوسرت الثالث". ومن الفوائد التى عادت على البلاد من حفر "قناة سيزوستريس" ازدياد النشاط التجارى وتوثيق الصلات التجارية بين مصر وبلاد "بونت" (الصومال الحالية)، وأيضاً ازدياد النشاط التجارى بين مصر وبلاد الشام، وجزر البحر المتوسط، مثل كريت وقبرص.
الملك إمنمحات الثالث :
تمثال من الجرانيت للملك "أمنمحات الثالث"، وهو معروض بالمتحف البريطانى فى لندن.. وجه الملك "إمنمحات الثالث" (من ملوك الأسرة الثانية عشرة) جهده للتنمية واستثمار موارد البلاد الطبيعية.
وارتبط اسمه بعمله العظيم فى منطقة الفيوم، إذ بنى سداً لحجز المياه عند "اللاهون" أنقذ به مساحة كبيرة من الأراضى كانت ضائعة فى مياه الفيضان، وأضافها إلى المساحة المزروعة فى مصر، وقد عرف هذا السد فيما بعد بـ"سد اللاهون".
كما أقام الملك "إمنمحات الثالث" مقياساً فى الجنوب عند قلعة "سمنة" للتعرف على ارتفاع الفيضان، والذى كان يتم على أساسه تقدير الضرائب.
وبنى هرمه الشهير عند بلدة "هوارة" بالفيوم، وأقام معبداً ضخماً أطلق عليه فيما بعد "قصر التيه" لتعدد حجراته، حيث كان من الصعب على الزائر الخروج منه بعد دخوله. كتب المؤرخ اليونانى "هيرودوت" يصف قصر التيه: "إنه يفوق الوصف، يتكون من 12 بهواً، ومن 3 آلاف غرفة، نصفها تحت الأرض، ونصفها الآخر فوقها، والغرف العليا تفوق ما أخرجه الإنسان من آثار، إذ أن سقوفها كلها قد شيدت من الأحجار، ويحيط بكل بهو أعمدة مصنوعة من الأحجار البيضاء .
قبل الدخول في فترة عصر الانتقال الثاني أو عهد حكم ماعرف بالهكسوس لمصر كنت أفضل أن أتكلم قليلا عن الفن في عصر الدولة القديمة ةهي تشمل الأسرات 3 و 4 و 5 و 6 :
الفن في عصر الدولة القديمة
إن تماثيل الملوك والخاصة، وكذلك اللوحات المصورة والمحفورة، عكست مفاهيم فنية، هدفها خدمة طقوس الآلهة والملوك والموتى.
ونجد للتماثيل الملكية أوضاعا تقليدية ذات خطوط مثالية للوجه، تسعى لتصوير الشخصيات الملكية، في بنيان جسدي قوي، وأحيانا مع بعض اللمسات الواقعية، التي هي أقل حدة لتفاصيل الوجه.
ولعلنا نستطيع تتبع ذلك في تمثال زوسر، والتمثال الوحيد المتبقي للملك خوفو، ونماذج الملك خفرع بالأحجار المختلفة، والمجموعات الثلاثية للملك منكاو رع، ورأس الملك أوسركاف.
أما تماثيل الخاصة، فقد اتبعت نفس المفاهيم الفنية، ولكن كانت لديها حرية أكبر في الحركة، وتنوع أكثر لأوضاعهم.
وقد حفر الفنانون تماثيل جالسة للكتاب، وتماثيل لأشخاص واقفة أو راكعة أو عابدة، وأخرى منشغلة بالأعمال المنزلية.
وأمثلة لذلك، نجدها في تماثيل الأمير رع حتب وزوجته نفرت، اللذين يبدوان كأشخاص حقيقية، بسبب ألوانهم وعيونهم المطعمة.
ونراها أيضا في التمثال الخشبي لكاعبر ذو الخطوط الواقعية في حفر وجهه وجسده، وكذلك جزعه الآخر وجزع زوجته، جميعهم أمثلة جيدة لتماثيل الخاصة في تلك الحقبة.
اللوحات المحفورة والمصورة، بدأت بملء الفراغات الموجودة على جدران المعابد والمقابر، لتصوير أنشطة الحياة اليومية في المنازل والضيعات والورش.
وكانت هناك أيضا مناظر ترفيهية، وأخرى تصور تقديم القرابين. هذه المناظر نفذت أحيانا بحركات حرة، لمجموعات العمال، وكذلك الحيوانات والطيور.
الحفر البارز والحفر الغائر، واللوحات المصورة، قد نفذت بنسب جيدة، وتفاصيل دقيقة، خاصة تلك الموجودة في مقابر سقارة
الهيروغليفية
كان النظام الأساسي للكتابة في مصر القديمة بالعلامات الهيروغليفية التي بدأت تأخذ شكلها حوالي عام 3000 ق.م وبلغت المستوى المعياري المقبول في وقت مبكر من الأسرة الأولى. وهناك آلاف العلامات التي وصفها قدماء المصريين بأنها "كلمات مقدسة".
وتأتي كلمة "هيروغليفي" من اللغة اليونانية، وفيها: "هيروس" بمعنى مقدس، "جلوبتين" بمعنى نص مكتوب منقوش؛ حيث ظنها الإغريق تستخدم فقط للنقش على الآثار أو النـُّصب التي شيدت لكي تبقى إلى الأبد.
وكانت الحروف (العلامات) الهيروغليفية تنحت أو ترسم على جدران المعابد والمقابر، وعلى أدوات الدفن، وعلى اللوحات بجميع أنواعها، وعلى قطع الحلي، وعلى الأبواب الوهمية.
وتـُعنى النصوص الهيروغليفية بكافة الأمور التي يراد لها أن تبقى مكتوبة إلى الأبد؛ وخاصة النصوص الدينية والتاريخية والسياسية والسيَر.
وتمثل كل علامة هيروغليفية شيئا واقعيا له وجود فعلي في الحياة اليومية المصرية القديمة: مثل النباتات وأجزاء الجسد والأشكال الهندسية والطيور. وقد تستخدم تلك العلامات لكتابة الكلمة، أو الشكل (فتسمى إيديوجرام) أو لكي تعطي نطق الكلمة، أو الصوت (فتسمى فونوجرام).
ولم تفقد الهيروغليفية أبدا خصائصها التصويرية، وذهبت ارتباطاتها الفنية الجمالية إلى ما وراء شكل العلامات؛ لكي تشتمل على مجموعات ألفاظ وتوليفات نصوص وصور.
ويمكن أن يقرأ النص الهيروغليفي في اتجاهين مختلفين، إما في أسطر رأسية أو أفقية؛ من اليمين إلى اليسار أو العكس، خاصة عندما يسهم الأخير في تحقيق التماثل مع نص آخر؛ فيُقرأ الاثنان باتجاه المحور الأوسط للنُّصب أو الأثر: كما هو الحال مع الباب الوهمي للمدعو "إيكا". ولا تتوفر هذه الخصائص أبدا في الكتابة الهيراطيقية والديموطيقية للنصوص.
وكانت الهيروغليفية المختصرة والجارية (المتصلة) قليلا - تكتب بالحبر، وفي العادة من اليمين إلى اليسار، مثلا: "كتاب أمديوات" و "كتاب الموتى". وتوجد آخر النصوص التي كتبت بالهيروغليفية بجزيرة فيلا، وترجع إلى القرن الرابع الميلادي.
وقد هجرت الكتابة الهيروغليفية فيما بعد، لأنها اعتبرت جزءا من التراث "الوثني" لمصر؛ وبالتالي غير مناسبة لكتابة النصوص المسيحية.
وأصبحت اللغة المصرية القديمة، بعد القرن الرابع الميلادي، تكتب بالحروف الإغريقية الاستهلالية (الكبيرة)، بالإضافة إلى ستة أحرف مشتقة من العلامات الديموطيقية؛ للتعويض عن القيم الصوتية التي لا وجود لها في اللغة اليونانية.