لو كنا فى زمان غير الزمان، ومكان غير المكان، ولو كانت الحياة فى مصر تتحمل الحقائق كاملة.. لكنت نشرت أسرارا وجوانب خطيرة فى مسيرة حياة فقيد العلم الراحل الدكتور أحمد زويل.
ربما سيأتى أوان يزول الحرج وتتمكن منا الشجاعة أكثر لأنشر أسرارا فى حياة ذلك الرجل الذى ظلم من بعض أهل بلده فى آخر (17) عاما، وربما سيأتى اليوم الذى أنشر فيه أسرارا عن سبب انقلاب مبارك عليه بعد أن وعده زويل بأن يعطى علمه لأهل مصر فى شكل جامعة تشارك فى تنشئة الكفاءات كما حدث معه فى أمريكا.
لكن ما أستطيع قوله هنا - الآن - سطور بسيطة لا تمثل الحقيقة ولا الصورة الكاملة، لكن سيأتى اليوم الذى أنشر فيه أسماء من استغلوه من بعض المحيطين منه، وبعض السادة الزملاء الذين ارتبطت أسماؤهم باسم زويل، وحققوا نقلة مالية ومعنوية أخرى فى عالمهم، ولم يسلم الرجل من استغلالهم حتى وهو يوارى الثرى.
وربما - أيضا - سيأتى اليوم الذى أعلن فيه دون حرج أسماء بعض الفنانات اللائى حاولن الإيقاع به والزواج منه لمجرد أن يرتبط اسمهن باسمه أو حتى أن تخرج مجرد شائعة تزيد من أسعارهن عند المنتجين بعد أن توارت الأضواء عنهن وكيف أنهن حاولن بمساعدة أصدقاء مقربين وثق فيهم زويل، عمل أكمنة له حتى يقع فى الغواية.. لكنه رحمة الله عليه كان أسمى من شغل «التلات ورقات»، وكيف كانت بعضهن يقمن بإغراء المقربين منه بساعات رولكس حتى تتمكن من الجلوس معه بدلا من فنانة أخرى وكان بحسه الريفى يخشى على اسمه مثل البكر الشريفة وينأى باسمه عن كل هذه المهاترات الحقيرة، وكيف فصل بعضاً ممن كانوا يساعدونه لمعرفته أنهم يستغلون اسمه ويكونون علاقات على أساس نجاحه ويقبضون الرشاوى ويتوسطون للمسئولين لإنهاء أعمال خاصة بهم ولغيرهم باسم زويل، وكيف كانت إحدى زوجات صاحب فندق معروف تدعى أنها ابنة خالته حتى تجد لنفسها مكانة وسط هوجة أهل الفن والمجتمع وتحاول دعوته لتناول الغداء الذى كانت تدعى طهوه بيدها فى حين تشتريه من إحدى السيدات اللائى تطهين بالبيوت، وكيف حاولت إحدى المطربات استغلال تواجده ذات يوم فى حفل بالساحل الشمالى كانت تغنى فيه وصعدت على المسرح تحييه وتعلن أمام الجميع أنه دخل الغرفة الخاصة بالمسرح لها ليثنى على صوتها وأنه طلب منها غناء أغنية ناعمة وبناء على طلبه ستغنى أغنية لبليغ حمدى.
فى حين أن المرحوم دعاه أحد أصدقائه للحفل وطلب منه أن يجامل تلك المطربة بالسلام عليها لأنها تتمنى رؤيته وتحيته فبكل ذوق جم قبل الراحل - ذو الطابع الريفى الأصيل الذى لم يتغير بفعل الحداثة الأمريكية - الدعوة، ووقع فى الفخ لتعلى من اسمها الذى كان قد توارى فى تلك الحقبة بعد نجاحات ضخمة ويأفل نجمها لتعود منذ عامين للساحة من جديد.
لن أحكى أسماء وحكايات عن هؤلاء الآن لكن كل ما أستطيع قوله عن ذلك الرجل العظيم إنه عشق مصر وترابها وأهلها وكان ودودا حنونا متواضعا كان يفضل قضاء إجازته بمصر وسط أهلها الذين كان يعتبرهم جميعا أهله.
عرفته منذ عام (2001) وأجريت معه حوارات ولقاءات وتكونت صداقة راقية بينى وبين ذلك الفذ العظيم، وكان يبادر بالاتصال بى والاطمئنان على أحوالى وأحوال أسرتى، حتى كان آخر اتصال منذ عدة أشهر، سأل فيها عن ابنى وزوجى فطلبت منه قطع وعد على نفسه أن يدخل ابنى جامعته عندما يكبر دون أى اختبارات فقال لو ربنا أراد لازم يا شهيرة أكيد، فبادرته «طب وصيهم» ضحك ضحكة حزينة وقال بتبشرى علىَّ ولا إيه قلت أطال الله فى عمرك ومتعك بالصحة فقال: الحمد لله على كل حال يا شهيرة أخبار مصر إيه؟ قلت البلد بخير يا دكتور فقال السيسى عظيم ووطنى ومحب للبلد ثقوا فيه قلت ومن قال غير ذلك؟ فرد إنه يسمع ويتابع تشكيكات من البعض وهذا يحزنه فالسيسى عاشق للبلد يا ريت لو كل واحد فيكم يعرف ما له وما عليه كانت مصر دى هتتغير.
واستكمل حديثه معى قائلا:» اكتبى دا يا شهيرة فضحكت وقلت هو فيه حد لسه بيقرأ يا دكتور هذا عصر التليفزيون والتوك شو فبادرنى أنت ليه ما بتقدميش برنامج قلت عشان لا أفضل ترك الإسكندرية والانتقال للقاهرة فضحك وقال موصيا: فكرى»، وانتهت تلك المكالمة التى كانت تتكرر كل عدة أشهر فيفاجئنى بها وأطير فرحا لاكتشف أنه رحمة الله كان يود جميع أصدقائه وليس أنا وحدى، ويتصل بهم ويطمئن على أحوالهم من وقت لآخر رغم مرضه ورغم انشغالاته ورغم وقته الضيق وهو فى غنى عن الاتصال ولكنه ودود حنون ابن بلد.
■ عباس حلمى وعائلته عرفوا قدره.. فعشقهم
الشخص الوحيد والعائلة الوحيدة التى صادقت زويل، وعرفت قدره، وهو بدوره تعلق بها ووثق بأفرادها، كانت عائلة الدكتور حسن عباس حلمى.
ووقتها لم يكن يشار ابن حسن عباس حلمى سفيرا ولا لوردا.. جمعت صداقة نادرة بين زويل ويشار والدكتور حسن عباس وابنه الدكتور شيرين منذ حصوله على نوبل.
حتى أصبح يشار يعرف ماذا يحب زويل فى الأكل والشرب ومن يفضلهم فى صحبته، ومتى ينقلب «موده» ومتى يتصل به ومتى يختفى من أمامه فالعلماء عباقرة وذوو مزاج متقلب أما على الجانب العلمى فلم يقدر أحد زويل إلا تلك العائلة.
فبعد تملص حكومات مبارك من إقامة مشروع وحلم زويل بعمل جامعة ومدينة علوم وتكنولوجيا تكون نواة لنقلة مصر قامت تلك العائلة فى البداية بعمل جائزة قدرها مليون جنيه باسم زويل ورئيس مجلس أمنائها الراحل بالتعاون بين جامعة الإسكندرية ومجموعة مصانع أدويتهم لاكتشاف النابغين فى العلوم من خلال تقديم أبحاث من شباب مصر لديهم أفكار علمية جديدة، ولكن بسبب الحرب الخفية توقف المشروع الذى حضرت انطلاقته الأولى وكانت مبشرة ويظل زويل يحلم ويحلم بإقامة صرح جديد للعلوم الحديثة فى مصر والحكومات المصرية «أذن من طين وأخرى من عجين» حتى التقطته قطر وسخرت له كافة الإمكانيات لإقامة حلمه هناك وبعد تردد صعب عليه أن يبدأ مشروعه خارج أرضه وموطنه،.
المهم بعد ثورة يناير مباشرة قرر المجلس العسكرى وقتها منح زويل مشروع جامعة النيل التى كان قد بناها أحمد نظيف، وقرر إعطاء تلك الجامعة لزويل لتحقيق حلمه، لكن الحروب التى عاصرها الجميع حالت بين ذلك الحلم وتنفيذه وكان وقتها الدكتور حسن عباس قد تبرع بـ(40) مليون دولار لاستكمال زويل لمشروعاته داخل تلك الجامعة ولما انتهى الأمر بالفشل الذريع ونجاح حزب أعداء زويل فى إخراجه من الجامعة، منحته الدولة أرضا فى السادس من أكتوبر لتكون نواة لحلمه فنقل الدكتور حسن عباس منحته من جامعة النيل لجامعة زويل الجديدة وبناها بأحدث ما انتهت إليه دول العالم وبدأ استقبال الطلاب ليس على أساس المجموع بالثانوية العامة وإنما على أساس آخر هو الموهبة والتفوق العلمى.
أحاديث ونوادر عن الراحل الجليل نكملها فى العدد القادم بإذن الله.. ونحكى كيف قضى عاطف عبيد بمساعدة عادل لبيب ورجاله على حلم جامعته والوقيعة بينه وبين مبارك بمساعدة شخصية كبيرة ومساعده الذى استغل اسمه فطرده فاكتشف بعد سنين أن فاتورة باسمه بـ27 ألف جنيه قادمة له من إحدى شركات المحمول وهو ليس لديه ذلك الرقم.
وزوجة صاحب الفندق السكندرى الشهير التى كانت تدعى قرابته، وصاحب الفندق الشهير الذى جرجره للكلام فى السياسة ووساطته لدى سوزان مبارك وجلسات أبوقير وسر البط والممبار وعلاقته بأهل السلطة فى مصر. وآخر لقاء جمعنى به ماذا قال فيه فى حضرة هؤلاء. رحم الله العالم الجليل على ما قدمه للعلم وجزى الله خير الجزاء من ساعدوه واحتضنوه فى بلده و لا سامح الله من وقف بين حلمه فى إقامة دولة العلم الحديث فى مصر.