بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على رسول الله و على صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
هذه قصص في عقوبات المعاصي
منها عقوبات دنيوية و أخرى برزخية
====
العقوبات حسية و معنوية
قال ابن الجوزي /صيد الخاطر:
و ربما رأى العاصي سلامة بدنه وماله، فظن أن لا عقوبة، و غفلته عما عوقب به عقوبة،
وقد قال الحكماء: المعصية بعد المعصية عقاب المعصية، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة.
وربما كان العقاب العاجل معنويًا، كما قال بعض أحبار بني إسرائيل: يا رب! كم أعصيك ولا تعاقبني!
فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري!
أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟
فمن تأمَّل هذا الجنس من المعاقبة، وجده بالمرصاد، حتى قال وهيب بن الورد، وقد سئل: أيجد لذة الطاعة من يعصي؟
قال: ولا من هَمّ.
فرب شخص أطلق بصره، فحرم اعتبار بصيرته، أو لسانه، فحرم صفاء قلبه، أو آثر شبهة في مطعمه، فأظلم سره، وحرم قيام الليل، وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك، وهذا أمر يعرفه أهل محاسبة النفوس.
الذنب لا ينسى
قال ابن القيم / الداء و الدواء
و هاهنا نكتة دقيقة يغلط فيها الناس في أمر الذنب وهي أنهم لا يرون تأثيره في الحال وقد يتأخر تأثيره فينسي ويظن العبد أنه لا يُغبر بعد ذلك وإن الامر كما قال القائل
اذا لم يغبر حائط في وقوعه ... فليس له بعد الوقوع غبار
وسبحان الله ماذا أهلكت هذه النكتة من الخلق وكم أزالت من نعمة وكم جلبت من نقمة وما أكثر المغترين بها من العلماء والفضلاء فضلا عن الجهال
ولم يعلم المغتر أن الذنب ينقض ولو بعد حين كما ينقض السهم, وكما ينقض الجرح المندمل على الغش والدغل
وقد ذكر الامام أحمد عن أبي الدرداء:
أعبدوا الله كأنكم ترونه وعدوا أنفسكم في الموتى واعلموا أن قليلا يكفيكم خير من كثير يلهيكم واعلموا أن البر لا يبلى وان الاثم لا ينسى
ونظر بعض العباد الى صبي فتأمل محاسنه فأتى في منامه وقيل له:
لتجدن غبها بعد أربعين سنة
هذا مع أن للذنب نقدا معجلا لا يتأخر عنه :
قال سليمان التميمي إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته
وقال يحيي بن معاذ الرازي عجبت من ذي عقل يقول في دعائه اللهم لا تشمت بي الاعداء, ثم هو يشمت بنفسه كل عدو له
قيل وكيف ذلك ؟
قال يعصي الله فيشمت به في القيامة كل عدو
قال ذي النون من خان الله في السر هتك ستره في العلانية
قال ابن الجوزي/ صيد الخاطر
ومما ينبغي للعاقل أن يترصده وقوع الجزاء، فإن ابن سيرين قال: عيرت رجلًا فقلت: يا مفلس! فأفلست بعد أربعين سنةً.
وقال ابن الجلاء: رآني شيخ لي وأنا أنظر إلى أمرد! فقال: ما هذا؟! لتجدن غبها
فَنُسِّيتُ القرآن بعد أربعين سنة.
أعظم عقوبة
قال ابن القيم/ الفوائد:
ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله
نكتة دقيقة في الذنب
قال ابن القيم/ مدارج السالكين
الفرح بالمعصية دليل على شدة الرغبة فيها والجهل بقدر من عصاه و الجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها
ففرحه بها غطى عليه ذلك كله وفرحه بها أشد ضررا عليه من مواقعتها والمؤمن لا تتم له لذة بمعصية أبدا ولا يكمل بها فرحه بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط لقلبه ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به
ومتى خلي قلبه من هذا الحزن واشتدت غبطته وسروره فليتهم إيمانه وليبك على موت قلبه فإنه لو كان حيا لأحزنه ارتكابه للذنب وغاظه وصعب عليه ولا يحس القلب بذلك, فحيث لم يحس به: فما لجرح بميت إيلام
وهذه النكتة في الذنب قل من يهتدي إليها أو ينتبه لها وهي موضع مخوف جدا مترام إلى هلاك إن لم يتدارك بثلاثة أشياء:
خوف من الموافاة عليه قبل التوبة
وندم على ما فاته من الله بمخالفة أمره
وتشمير للجد في استدراكه
عقوبات لا نحس بها
فساد الرأى وخفاء الحق وفساد القلب وخمول الذكر واضاعة الوقت ونفرة الخلق والوحشة بين العبد وبين ربه ومنع اجابة الدعاء وقسوة القلب ومحق البركة فى الرزق والعمر وحرمان العلم ولباس الذل واهانة العدو وضيق الصدر والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت وطول الهم والغم وضنك المعيشة وكسف البال
=====
القصة 1
المستهزئ بالسواك
قال ابن خلكان: بلغنا من جماعة يوثق بهم وصلوا إلى دمشق من أهل بصرى أن عندهم قرية يقال لها دير أبي سلامة كان بها رجل من العربان فيه استهتار زائد وجهل فجرى يوما ذكر السواك وما فيه من الفضيلة فقال و الله ما أستاك إلا من المخرج فأخذ سواكا وتركه في دبره فآلمه تلك الليلة ثم مضى عليه تسعة أشهر وهو يشكو من ألم البطن والمخرج ثم أصابه مثل طلق الحامل ووضع حيوانا على هيئة الجرذون ورأسه مثل رأس السمكة وله أربع أنياب بارزة وذنب طويل مثل شبر وأربع أصابع وله دبر مثل دبر الأرنب ولما وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات فقامت ابنة ذلك الرجل فشجت رأسه فمات وعاش ذلك الرجل بعده يومين ومات وهو يقول هذا الحيوان قتلني وقطع أمعائي وشاهد ذلك الحيوان جماعة من تلك الناحية وخطيب المكان.
من كتاب
شذرات الذهب في اخبار من ذهب شذرات من ذهب
و الصلاة و السلام على رسول الله و على صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
هذه قصص في عقوبات المعاصي
منها عقوبات دنيوية و أخرى برزخية
====
العقوبات حسية و معنوية
قال ابن الجوزي /صيد الخاطر:
و ربما رأى العاصي سلامة بدنه وماله، فظن أن لا عقوبة، و غفلته عما عوقب به عقوبة،
وقد قال الحكماء: المعصية بعد المعصية عقاب المعصية، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة.
وربما كان العقاب العاجل معنويًا، كما قال بعض أحبار بني إسرائيل: يا رب! كم أعصيك ولا تعاقبني!
فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري!
أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟
فمن تأمَّل هذا الجنس من المعاقبة، وجده بالمرصاد، حتى قال وهيب بن الورد، وقد سئل: أيجد لذة الطاعة من يعصي؟
قال: ولا من هَمّ.
فرب شخص أطلق بصره، فحرم اعتبار بصيرته، أو لسانه، فحرم صفاء قلبه، أو آثر شبهة في مطعمه، فأظلم سره، وحرم قيام الليل، وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك، وهذا أمر يعرفه أهل محاسبة النفوس.
الذنب لا ينسى
قال ابن القيم / الداء و الدواء
و هاهنا نكتة دقيقة يغلط فيها الناس في أمر الذنب وهي أنهم لا يرون تأثيره في الحال وقد يتأخر تأثيره فينسي ويظن العبد أنه لا يُغبر بعد ذلك وإن الامر كما قال القائل
اذا لم يغبر حائط في وقوعه ... فليس له بعد الوقوع غبار
وسبحان الله ماذا أهلكت هذه النكتة من الخلق وكم أزالت من نعمة وكم جلبت من نقمة وما أكثر المغترين بها من العلماء والفضلاء فضلا عن الجهال
ولم يعلم المغتر أن الذنب ينقض ولو بعد حين كما ينقض السهم, وكما ينقض الجرح المندمل على الغش والدغل
وقد ذكر الامام أحمد عن أبي الدرداء:
أعبدوا الله كأنكم ترونه وعدوا أنفسكم في الموتى واعلموا أن قليلا يكفيكم خير من كثير يلهيكم واعلموا أن البر لا يبلى وان الاثم لا ينسى
ونظر بعض العباد الى صبي فتأمل محاسنه فأتى في منامه وقيل له:
لتجدن غبها بعد أربعين سنة
هذا مع أن للذنب نقدا معجلا لا يتأخر عنه :
قال سليمان التميمي إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته
وقال يحيي بن معاذ الرازي عجبت من ذي عقل يقول في دعائه اللهم لا تشمت بي الاعداء, ثم هو يشمت بنفسه كل عدو له
قيل وكيف ذلك ؟
قال يعصي الله فيشمت به في القيامة كل عدو
قال ذي النون من خان الله في السر هتك ستره في العلانية
قال ابن الجوزي/ صيد الخاطر
ومما ينبغي للعاقل أن يترصده وقوع الجزاء، فإن ابن سيرين قال: عيرت رجلًا فقلت: يا مفلس! فأفلست بعد أربعين سنةً.
وقال ابن الجلاء: رآني شيخ لي وأنا أنظر إلى أمرد! فقال: ما هذا؟! لتجدن غبها
فَنُسِّيتُ القرآن بعد أربعين سنة.
أعظم عقوبة
قال ابن القيم/ الفوائد:
ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله
نكتة دقيقة في الذنب
قال ابن القيم/ مدارج السالكين
الفرح بالمعصية دليل على شدة الرغبة فيها والجهل بقدر من عصاه و الجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها
ففرحه بها غطى عليه ذلك كله وفرحه بها أشد ضررا عليه من مواقعتها والمؤمن لا تتم له لذة بمعصية أبدا ولا يكمل بها فرحه بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط لقلبه ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به
ومتى خلي قلبه من هذا الحزن واشتدت غبطته وسروره فليتهم إيمانه وليبك على موت قلبه فإنه لو كان حيا لأحزنه ارتكابه للذنب وغاظه وصعب عليه ولا يحس القلب بذلك, فحيث لم يحس به: فما لجرح بميت إيلام
وهذه النكتة في الذنب قل من يهتدي إليها أو ينتبه لها وهي موضع مخوف جدا مترام إلى هلاك إن لم يتدارك بثلاثة أشياء:
خوف من الموافاة عليه قبل التوبة
وندم على ما فاته من الله بمخالفة أمره
وتشمير للجد في استدراكه
عقوبات لا نحس بها
فساد الرأى وخفاء الحق وفساد القلب وخمول الذكر واضاعة الوقت ونفرة الخلق والوحشة بين العبد وبين ربه ومنع اجابة الدعاء وقسوة القلب ومحق البركة فى الرزق والعمر وحرمان العلم ولباس الذل واهانة العدو وضيق الصدر والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت وطول الهم والغم وضنك المعيشة وكسف البال
=====
القصة 1
المستهزئ بالسواك
قال ابن خلكان: بلغنا من جماعة يوثق بهم وصلوا إلى دمشق من أهل بصرى أن عندهم قرية يقال لها دير أبي سلامة كان بها رجل من العربان فيه استهتار زائد وجهل فجرى يوما ذكر السواك وما فيه من الفضيلة فقال و الله ما أستاك إلا من المخرج فأخذ سواكا وتركه في دبره فآلمه تلك الليلة ثم مضى عليه تسعة أشهر وهو يشكو من ألم البطن والمخرج ثم أصابه مثل طلق الحامل ووضع حيوانا على هيئة الجرذون ورأسه مثل رأس السمكة وله أربع أنياب بارزة وذنب طويل مثل شبر وأربع أصابع وله دبر مثل دبر الأرنب ولما وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات فقامت ابنة ذلك الرجل فشجت رأسه فمات وعاش ذلك الرجل بعده يومين ومات وهو يقول هذا الحيوان قتلني وقطع أمعائي وشاهد ذلك الحيوان جماعة من تلك الناحية وخطيب المكان.
من كتاب
شذرات الذهب في اخبار من ذهب شذرات من ذهب