أعلنت الولايات المتحدة أنها أعربت مباشرة للسلطات في أنقرة عن قلقها من الضربات الجوية، التي نفذتها تركيا، فجر اليوم الثلاثاء، في سوريا والعراق، .
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكي، مارك تونر، في مؤتمر صحفي: "إننا نشعر بقلق بالغ من ضربات القوات الجوية التركية على شمال سوريا وكذلك على شمال العراق".
وشدد تونر على أن هذه الغارات "نفذت من دون أي تنسيق مع الولايات المتحدة أو التحالف الدولي".
وتابع تونر: "أعربنا عن قلقنا هذا مباشرة للحكومة التركية، وهذه الضربات لم تتم المصادقة عليها من قبل التحالف، وأدت إلى المقتل المأساوي لشركائنا في محاربة داعش، وبينهم عناصر من قوات البيشمركة الكردية" العراقية.
وقال المسؤول الأمريكي إن الولايات المتحدة أكدت للسلطات التركية على ضرورة أن "تحترم سيادة العراق"، موضحا: "من المهم جدا أن تنسق تركيا والشركاء الآخرون، العاملون على هزيمة داعش، عملياتهم بأوثق شكل ممكن".
ويأتي هذا التعليق بعد أن زار وفد من الضباط الأمريكيين التابعين للتحالف الدولي ضد "داعش" موقع الضربات التركية في منطقة جبل قرجوخ شمال سوريا، والتي أسفرت عن مقتل 20 مقاتلا من "وحدات حماية الشعب" الكردية.
وقالت وكالة "هاوار" في هذا السياق إن التحالف الدولي تعهد بإعداد تقرير لمشاهداته في الأماكن المستهدفة من قبل الجيش التركي، وإطلاع قيادته عليه، نتيجة هذه الزيارة التي قام بها بالتعاون مع قيادات من "قوات سوريا الديمقراطية".
وأعلن الجيش التركي، في وقت سابق من الثلاثاء، أن طيرانه الحربي شن غارات قال إنها على مواقع لمسلحي "حزب العمال الكردستاني" والمنظمات التابعة له، في جبل سنجار شمالي العراق، وجبل قرجوخ (قره تشوك) شمال شرق سوريا.
ولفت الجيش التركي، في بيانه، إلى أن "المناطق التي استهدفتها الغارات تحولت إلى أوكار للإرهاب، تستخدم لشن هجمات إرهابية تتسبب في مقتل وإصابة المدنيين والجنود ورجال الأمن الأتراك"، حسب بيان الجيش.
وأعلن الناطق الرسمي باسم "وحدات حماية الشعب"، ريدور خليل، أن حصيلة الضربات التركية على جبل قرجوخ، ارتفعت إلى 20 قتيلا و18 جريحا.
وقال ريدور خليل، في تصريح صحفي: "نتيجة القصف الهمجي للطيران الحربي للدولة التركية، فجر اليوم الثلاثاء، على مقر القيادة العامة لوحدات حماية الشعب في جبل قرجوخ، استشهد 20 مقاتلا ومقاتلة، وأصيب 18 آخرون بجروح، 3 منهم جراحهم خطيرة".
وأشار خليل إلى أن أن القصف أدى إلى خسائر مادية كبيرة في الموقع وإلحاق أضرار بممتلكات المدنيين بالقرب من الموقع المستهدف.
بدورها، أعلنت قوات "البيشمركة" الكردية، التي ضربها القصف التركي في العراق، عن مقتل 5 من عناصرها جراء هذه العملية.
من جانبها، طالبت إلهام أحمد، الرئيس المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، التحالف الدولي بتحديد موقفه الصريح من الضربات التركية، قائلة: "لن نقبل من الآن فصاعدا أن تقصف مناطقنا التي تحتضن مئات الآلاف من النازحين".
وأضافت أحمد، في حديث لوكالة "هاوار"، بعد الحادث: "في الوقت الذي تقوم فيه وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية بتحرير المنطقة من إرهاب داعش، يشن الاحتلال التركي مثل هذه الهجمات على مناطقنا الآمنة".
يذكر أن السلطات التركية تعتبر وحدات تحالف "قوات سوريا الديمقراطية"، وكذلك هيكله السياسي الأساسي "حزب الاتحاد الديمقراطي" وقوته العسكرية الرئيسية "وحدات حماية الشعب" الكردية، تعتبرها حليفة لـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف إرهابيا في تركيا.
وتشن القوات التركية من حين لآخر ضربات جوية على مواقع الأكراد في شمال سوريا والعراق، قائلة إنها مستغلة من قبل الإرهابيين لتنفيذ هجمات على تركيا.
كما قام الجيش التركي، في إطار عملية "درع الفرات"، في شمال سوريا، بمشاركة القوات البرية والدبابات وسلاح المدفعية وبغطاء من سلاح الجو التركي، وبالتعاون مع تنظيم "الجيش السوري الحر" المعارض للسلطات في دمشق، قام بسلسلة هجمات على مواقع "قوات سوريا الديمقراطية".
من جانبه، يعتبر التحالف الدولي المناهض لـ"داعش" بقيادة الولايات المتحدة "قوات سوريا الديمقراطية" حليفا أساسيا له على الأرض السورية في العملية ضد التنظيم، ويقدم دعما عسكريا ولوجيستيا واستشاريا لها.
ويجري التحالف الدولي مفاوضات مستمرة مع تركيا و"قوات سوريا الديمقراطية"، حول التخطيط للمعركة النهائية لتحرير مدينة الرقة السورية، التي يعتبرها "داعش" عاصمة لها.
وكانت تركيا قد قالت مرارا إنها لن تشارك في عملية تحرير الرقة في حال كان لـ "قوات سوريا الديمقراطية" أي دور في هذه المعركة.
وأكدت "قوات سوريا الديمقراطية"، بدورها، رفضها القاطع لمشاركة القوات التركية في معركة الرقة، واصفة إياها بـ"طرف محتل"، وذلك في إشارة إلى عملية "درع الفرات".
ويعتبر المراقبون أن الموقف العدائي للسلطات التركية من "قوات سوريا الديمقراطية" يمثل سببا رئيسيا لامتناع التحالف الدولي عن تقديم دعم عسكري ملموس للعمليات التركية في سوريا.
كما تمثل قوات "البيشمركة" الكردية العراقية حليفا للتحالف الدولي والسلطات العراقية المركزية في عملياتهما ضد تنظيم "داعش" وخاصة في حملة تحرير مدينة الموصل.
بدورها، تقوم القوات التركية، التي تم نشرها في شمال العراق من دون مصادقة من قبل بغداد، بتدريب مقاتلي "البيشمركة".
وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن العملية التي نفذتها القوات الجوية لبلاده، البوم، لم تكن ضد "البيشمركة"، معربا عن أسفه من قتل عناصر منها.