يبدو أن القرار الذي فرضته السلطات الأميركية حيال الركاب القادمين من بعض الدول العربية، بمنع حمل الأجهزة الإلكترونية قد بات يؤتى ثماره، بعد أن قلصت شركة طيران الإمارات عدد رحلاتها الجوية إلى الولايات المتحدة.
وتسبب قرار الرئيس الأميركي الذي اتخذه الشهر الماضي، في انخفاض أعداد المسافرين من الشرق الأوسط، ومن ثم تأثرت الشركة الإماراتية، التي تُعد أكبر شركة طيران في العالم من حيث عدد المسافرين.
وقررت شركة الإمارات تقليص رحلاتها إلى 5 مدن أميركية فقط، وهي: بوسطن، وأورلاندو، وفورت لودرديل، وسياتل، ولوس أنجلوس، بحسب وكالة بلومبرغ.
وبسبب تخفيض عدد الرحلات الجوية، قد يتجه بعض المسافرين القادمين من الشرق الأوسط وآسيا لتحويل تعاملاتهم الجوية من خطوط طيران الإمارات إلى شركات الطيران الأوروبية الكبرى وشركائهم الأميركيين. وكانت شركات الطيران الأميركية، مثل شركة الخطوط الجوية الأميركية، وشركة دلتا إيرلاينز، وشركة يونايتد كونتننتال القابضة قد حثَّت المسؤولين الأميركيين على التعامل مع شكواها بخصوص الدعم الحكومي لشركات الطيران في الخليج، والذي بلغت قيمته 50 مليار دولار، وخلق منافسةً غير عادلة بينها وبين شركات "الإمارات"، و"الاتحاد الجوية"، وخطوط الطيران القطرية.
وقال جوي ديناردي، المحلل بمؤسسة ستيفل للاستشارات المالية، إنَّ أي تخفيض في سعة خطوط الطيران الإماراتية لاستقبال المسافرين هو أمر جيد للخطوط الأميركية.
ومن جانبها، أعلنت خطوط الاتحاد الإماراتية أنَّ الطلب على رحلاتها المتجهة للولايات المتحدة لم يتأثر، وتعهدت بتحديث خدماتها على الرحلات المتجهة إلى نيويورك باستخدام طائراتٍ عملاقة من طراز "إيرباص إس إي إيه 380". بينما لم تعلق الخطوط الجوية القطرية على تأثّر رحلاتها المتجهة للولايات المتحدة، وذلك رغم تقديم خدماتها لبعض المطارات المتأثرة بقرار حظر وجود أجهزة الحاسب الجوال على متن الطائرة.
الحجوزات الأوروبية
ويقول مايكل ويس، وهو رجل أعمال من مدينة أتلانتا، وكثيراً ما يسافر لمنطقة الشرق الأوسط، ويفضل بصفة شخصية خدمة العملاء في شركة الخطوط الجوية القطرية: "أستطيع تفهُّم المشكلة كرجل أعمال يسافر كثيراً، فالرحلات المتجهة من الشرق الأوسط تعد أكثر سفرياتي إنتاجية، والآن أحاول حجز رحلاتي من خلال الخطوط الأوروبية. وهو القرار نفسه الذي أقدم عليه زملائي من رجال الأعمال، فجميعنا بحاجة للعمل دون عراقيل".
وقد ارتفع مؤشر بلومبرغ لشركات الطيران الأميركية بنسبة 1.4% عند الإقفال في نيويورك، وهو أكبر مكسب حققته الشركات خلال 3 أسابيع.
وسوف تنخفض رحلات خطوط الإمارات الجوية لكلٍ من سياتل، وبوسطن، ولوس أنجلوس من رحلتين إلى رحلة واحدة في اليوم، في حين ستحصل ولايتا فورت لودريل وأورلاندو على 5رحلات أسبوعية فقط، وذلك قياساً بالخدمة اليومية المقدمة الآن. وفي بيانٍ لها يوم الأربعاء الماضي، أعلنت شركة الإمارات الجوية أنَّ تلك التغييرات ستُطبَّق اعتباراً من الأول من مايو/أيار لهذا العام.
تدهورٌ كبير
وفي بيانها، صرحت شركة الإمارات قائلةً: "الإجراءات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة الأميركية، فيما يتعلق بإصدار تأشيرات الدخول وتشديد الفحص الأمني والقيود المفروضة على الأجهزة الإلكترونية في كبائن الطائرات، كل ذلك كان ذا تأثيرٍ مباشر على مصالح المسافرين، ومن ثم إقبالهم على السفر جواً للولايات المتحدة. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، شهدنا تراجعاً كبيراً في طلبات الحجز في رحلاتنا كافة المتجهة إلى الولايات المتحدة، وفي جميع شرائح السفر".
وستوظِّف شركة الإمارات بعضاً من رحلاتها التي كانت تسافر سابقاً إلى الولايات المتحدة لخدمة المسافرين إلى وجهات أخرى في شبكتها العالمية. وكان مطار دبي واحداً من 10 مطارات متأثرة بقرار منع الأجهزة الإلكترونية في الأمتعة المحمولة على متن الطائرات المتجهة للولايات المتحدة. وقد علقت إحدى المحاكم في أميركا قرارات ترامب بحظر دخول المسافرين الآتين من 6 دول، وهي: إيران، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن وسوريا.
كما أعلنت خطوط الإمارات، والتي تخدم أكثر من 12 مدينة أميركية كجزءٍ من شبكة تغطي أكثر من 150 وجهة حول العالم، أنَّها ستراقب الوضع من كُثب بهدف إعادة وزيادة رحلاتها الجوية إلى أميركا في أقرب فرصة ممكنة. وتعتزم الشركة توسيع خدماتها لتشمل 18 مدينة أميركية بحلول عام 2018.
وقد استحوذت شركة الإمارات، وشركة الاتحاد، وشركة الخطوط الجوية القطرية على نصيبٍ كبير من السوق المربحة للسفر من الأمريكتين وأوروبا إلى الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا وأستراليا، وذلك بتطوير مطاراتها، المعتمدة بالأساس على الرحلات الجوية الداخلية، إلى مطارات محورية. ومن ثم، إذا فكر المسافرون بشركات الطيران الأوروبية في السفر للشرق الأوسط أو الهند، يمكن لشركات الطيران الأميركية الاستفادة من خلال اتفاقيات شراكة مع شركات الطيران الخليجية يتم فيها تقاسم الأرباح.
حلول الطيران
من جهته، قال بيتر فان دير ليندي، المدير التنفيذي السابق لشركة دلتا الأميركية، والذي سبق له العمل في اتحاداتٍ عالمية لشركات الطيران: "إذا خفَّضت شركة الإمارات رحلاتها لولاية سياتل إلى النصف، فهذا يعني وجود مئات المسافرين كل أسبوع، كانوا سيسافرون على متن خطوطها إلى دبي وغيرها من الوجهات، ويحتاجون الآن إلى البحث عن حلول أخرى للسفر. وبشكلٍ عام، تعد خطوط شركة دلتا على قمة الشركات المؤهلة لاستقبال هؤلاء المسافرين"؛ وذلك لأنَّها تملك مطاراً محورياً في ولاية سياتل.
وأضاف فان دير ليندي قائلاً إنَّ بعض الرحلات التي ألغتها خطوط الإمارات الجوية ربما لم تكن مربحة لتلك الدرجة. فالرحلات المتجهة لمدينة فلوريدا مثلاً، والتي تم إلغاؤها، تجذب المسافرين للترفيه أكثر من رجال الأعمال المسافرين لتحقيق مكاسب مادية. كذلك فإنَّ مدينتي بوسطن ودالاس، اللتين تم تقليص الرحلات المتجهة لهما كذلك، لا يوجد بهما مطارات محورية لنقل المسافرين من الشرق الأوسط لبقية مدن الولايات المتحدة.
وختم فان دير ليندي، الذي يعمل الآن مستشار تطوير الأعمال لدى شركة إكسباند 360 بأتلانتا، حديثه قائلاً: "أعتقد أن الشركات تضررت من قراري الحظر، سواءٌ بحظر دخول المسافرين من دول إسلامية، أو حظر حمل أجهزة إلكترونية على متن الطائرة، لكن على الأغلب فإنَّ تلك الرحلات التي أُلغِيَت كانت ذات ربحٍ هامشي، إن لم تكن غير مربحة من الأساس".