هل سبق لك أن فكّرت فيما ترغب في فعله خلال السنوات الخمس المقبلة؟ هل لديك رؤية واضحة حول أهدافك الوظيفية في هذه اللحظة؟ وهل تعلم تمامًا ما تريد تحقيقه مع نهاية هذا النهار؟
جميع هذه الأسئلة تندرج تحت عملية تحديد الأهداف، فإن رغبت في النجاح، عليك أن تضبط بوصلة أهدافك، لأنك ومن دونها ستفقد تركيزك وتفشل في السيطرة على حياتك، حيث أنّ تحديد أهدافك بطريقة صحيحة يمنحك القدرة على قياس ما إذا كنت تحقق النجاح أم لا.
لنفترض أنّك تمتلك في حسابك البنكي مبلغًا قدره مليون دولار. سيكون هذا المبلغ دليلاً على مدى نجاحك في حال كان هدفك أن تجمع ثروة كبيرة. لكن، في حال كان الهدف الذي وضعته لنفسك هو التصدّق بالمال على جمعيات خيرية، سيصبح الاحتفاظ بهذا المبلغ في حسابك متناقضًا مع تعريفك للنجاح.
لكن حتى تتمكّن من تحقيق أهدافك، يتعيّن عليك أوّلاً أن تتعلّم كيف تضعها، لا يمكنك أن تقول ببساطة: "أريد تحقيق هذا الأمر أو ذاك…" وتتوقّع أن يتحقق هدفك بالفعل، إذ إنّ وضع الأهداف هو عملية متصلة تبدأ بالتفكير العميق بشأن ما تريد الوصول إليه، وتنتهي بالعمل الجادّ الذي عليك أن تثابر عليه حتى تصل إلى مرادك، وما بين البداية والنهاية هناك عدد من الخطوات المحدّدة التي تسهم في تحقيق هذه الأهداف حقًا.
إليك فيما يلي 5 قواعد ذهبية تساعدك على وضع أهدافك بطريقة صحيحة تضمن لك تحقيقها.
أولا: ضع أهدافا محفزة
عندما تضع أهدافًا لنفسك، من المهم أن تكون هذه الأهداف محفزّة، بمعنى آخر يجب أن تكون مهمّة بالنسبة لك، وذات قيمة معنوية وماديّة خاصّة لك. في حال لم تكن مهتمًّا جدًا بالنتيجة النهائية أو كانت هذه الأهداف لا ترتبط ارتباطًا وثيقًا برؤيتك الأكبر، فأنت على الأرجح لن تبذل جهدًا كافيًا لتحقيقها.
احرص على وضع أهداف مرتبطة بأهمّ أولويات حياتك، وإلاّ فسوف ينتهي بك المطاف بالكثير من الأهداف والقليل من الوقت المخصّص لتحقيق كلّ منها.
حتى تنجح في تحقيق أهدافك، يجب أن يكون لديك شعور ملحّ بضرورة الوصول إليها بأسرع ما يمكن، وإلاّ فإنك ستبدأ بتأجيلها، ويلي ذلك شعور بالخيبة والإحباط، بل قد يؤدي بك ذلك إلى حالة ذهنية أكثر تدميرًا وهي اعتقادك بأنك غير قادر على تحقيق أيّ شيء أو النجاح في أيّ أمر.
ثانيا: ضع أهدافك بذكاء
لا شكّ أنّك سمعت عن الأهداف الذكية من قبل "SMART Goals"، إنها قاعدة تبيّن أهم المعايير التي يتوجّب أن تتصف بها أهدافك، بحيث يرمز كلّ حرف من كلمة SMART إلى أحد هذه المعايير. إذن يجب أن تكون أهدافك:
1- محدّدة Specific
يجب أن يكون هدفك واضحًا ومحدّدًا جيّدًا، فالأهداف الغامضة أو العامّة غير مفيدة لأنها لا توفّر لك توجيهًا كافيًا.
تذكّر أنّك بحاجة للأهداف حتى تعرف طريقك في الحياة، فاحرص على جعل الأمر سهلاً قدر الإمكان من خلال تحديد المكان الذي تريد الوصول إليه بدقّة. لا يمكنك القول مثلاً أنّك تريد أن تنجح وحسب، بل عليك أن تحدّد بالضبط في أيّ مجال أو جانب من جوانب الحياة تريد أن تنجح.
2- قابلة للقياس Measurable
احرص على تضمين أكبر قدر ممكن من التواريخ والأرقام والقيم التي تساعدك على تحديد مدى نجاحك في في تحقيق هدف معيّن. إن كان هدفك على سبيل المثال متمثلاً في "تقليل نفقاتك"، عليك أن تحدّد طريقة لقياس مدى نجاحك.أيّ الخيارين التاليين يحدّد نجاحك فعلاً؟ أن تقلل نفقاتك بنسبة 1% خلال شهر واحد أم بذات النسبة خلال سنتين؟! أم غير ذلك من المعايير؟
إذا لم تحدّد طريقة لقياس نجاحك، فسوف تضيّع على نفسك فرحة الاحتفال بالنجاح لأنك لن تعرف أبدًا إذا ما نجحت أم لا.
3- قابلة للتحقيق Attainable
عندما تضع هدفًا، تأكّد من أنه قابل للتحقيق، فوضع أهداف مستحيلة لن يعود عليك سوى بالخيبة وسيهدم ثقتك بنفسك.
من ناحية أخرى، الأهداف السهلة التي لا تتطلّب بذل أيّ جهد يُذكر لتحقيقها ليست جيّدة أيضًا، لأنها لن تشعرك بالرضا والسعادة التي تطمح إليها، وستجعلك أكثر خوفًا من وضع أهداف أصعب.
حاول دومًا أن توازن بين هذين الأمرين، وتضع لنفسك أهدافًا واقعية وصعبة في نفس الوقت. هذا النوع من الأهداف هو الذي سيعمل على تطوير شخصيّتك ويحقّق لك الرضا والابتهاج حين تحقّقه.
4- ذات صلة بما تفعله Relevant
يجب أن تكون أهدافك ذات صلة وثيقة بالاتجاه الذي تسير فيه، سواءً على الصعيد الشخصي أو المهني أو غير ذلك، حيث أنّك بهذه الطريقة ستضمن تركيزًا تامًّا عليها، أمّا إذا كانت أهدافك مبعثرة غير مترابطة فإنك في هذه الحالة ستضيّع وقتك، وتهدر الكثير من طاقتك بلا جدوى.
5- مرتبطة بإطار زمني Time-Bound
لابدّ من وضع إطار زمني لأهدافك، حتى تتمكّن من تحقيقها وقياس مدى نجاحك في الوصول إليها. فضلاً عن ذلك، سيساعدك وضع موعد نهائي أو إطار زمني لأهدافك على رفع شعورك بضرورة العمل على تحقيقها ويضمن لك بذل جهد أكبر لإنجازها في الوقت المناسب.
ثالثا: أكتب أهدافك
إنّ عملية كتابة الأهداف وتدوينها يجعلها ملموسة وحقيقية أكثر، لأنك بهذه الطريقة لن تنساها. احرص عند كتابة أهدافك على استخدام الصيغة المناسبة. لاحظ الفرق بين هاتين الجملتين:
- "أرغب في تقليل مصروفاتي بنسبة 10% خلال هذا العام".
- "سوف أقلل مصروفاتي بنسبة 10% هذا العام".
يمكنك من خلال قراءة هاتين الجملتين أن تشعر بما تحمله الجملة الثانية من عزم وتصميم تفتقده الجملة الأولى، ذلك أنّ صيغًا مثل: "أرغب في" أو "أتمنى" أو ما شابهها تحوّل هدفك إلى مجرّد أمنية في حين أن استخدام كلمات مثل: "سوف" ستمنح هدفك قوة أكبر، وتزيد من احتمالية تحقّقه على أرض الواقع.
خدعة أخرى تساعدك على تحقيق أهدافك، ألا وهي كتابة هذه الأهداف وتعليقها في أماكن ظاهرة كي تتذكّرها يوميًا. علّق أهدافك على جدران غرفتك، مكتبك، حاسوبك، باب الثلاجة أو مرآة الحمام، احرص على أن ترى هذا الهدف أمامك عدّة مرّات خلال اليوم حتى تتذكّره دومًا.
رابعا: ضع خطة عمل
غالبًا ما تضيع هذه الخطوة عند تحديد الأهداف، فنجد الواحد منّا يصبّ جام تركيزه على النتيجة النهائية وينسى وضع خطة عمل محكمة لتحقيق هذه النتيجة. من خلال كتابة خطوات عملية منفردة، والبدء بتنفيذها الواحدة تلو الأخرى، فأنت تضمن أنّك تسير نحو هدفك وتحرز تقدّمًا فيه. وتعدّ هذه الخطوة ذات أهميّة عظمى في حال كان هدفك كبيرًا أو ذا أمد بعيد.
خامسا: التزم بخطّة العمل
تذكّر أنّ تحديد الأهداف هو عملية مستمرة، لذا من المهم أن تذكّر نفسك بها باستمرار، وأن تخصّص بانتظام بعض الوقت لمراجعة هذه الأهداف ومدى تقدّمك نحوها.
حيث أنّ النتيجة النهائية قد تبقى واحدة لكنّ خطة العمل لتحقيقها قد تختلف اختلافًا كبيرًا أثناء العملية، وحتى لو حصل ذلك، احرص على الالتزام بوجود خطة عمل توصلك إلى أهدافك حتى لو اضطررت لتغييرها عدّة مرّات. المهم أن تبقى قيمة هدفك ومدى ارتباطه برؤيتك الأكبر وضرورة الوصول إليه عالية طوال فترة سيرك نحوه.
نستنتج ممّا سبق أنّ تحديد الأهداف ليس مجرّد تمنّي تحقّق أمر ما وإنّما هو عملية متواصلة تبدأ بفهم ما تريده حقًا والدافع وراء هذه الرغبة، ومن ثمّ وضع خطة حقيقية ومدروسة للبدء في تحقيق هذا الهدف. إن التزمت بالقواعد الذهبية الخمس التي ذكرناها في مقالنا هذا، ستتمكّن من وضع أهدافك بسعادة وحماس وسوف تستمتع بالرضا الشخصي الذي يترافق مع تحقيقها. فماذا تنتظر؟ أحضر ورقة وقلمًا وابدأ بتطبيق هذه الخطوات في الحال، ولا تنسى التسجيل في موقع فرصة ليصلك كلّ جديد.