يعتبر الموجّهون أو الـ Mentors باللغة الإنجليزية، جزءًا مهمًّا من عملية التطوير الذاتي سواءً على الصعيد الشخصي أو المهني. فهم مرشدون رائعون في تلك الأوقات التي يحتاج فيها البعض إلى شخص ذو خبرة يساعدهم ويوجّههم نحو الطريق الصحيح في حياتهم.
يحتاج الموجّهون الجيّدون إلى امتلاك مهارات توجيه وتدريب مميّزة تساعدهم على القيام بدورهم في مساعدة الآخرين للوصول إلى أهدافهم وطموحاتهم.
فما هو التوجيه بالضبط؟ وما هي سمات الموجّه أو المرشد الناجح؟ بل وكيف يمكنك أن تطوّر مهاراتك أنت أيضًا لتصبح في يومٍ من الأيام مرشدًا وموجّهًا للآخرين؟
دعونا نتعرّف على كلّ هذا في مقالنا اليوم من تعلّم!
ما هو التوجيه أو الـ Mentorship؟
التوجيه أو الـ Mentorship، جميعها مصطلحات تُشير إلى علاقة بين طرفين، يكون أحدهما أكثر خبرة ودراية في مجال معيّن من الطرف الآخر. حيثُ يُطلق على الطرف صاحب الخبرة أسماء من مثل:
أمّا الطرف الثاني الراغب في التعلّم، فيُطلق عليه أسماءٌ مثل:
من الجدير بالذكر أنّ المدرّب قد يكون أصغر سنًّا من تلميذه، فعلاقة التدريب ليست مبنية على العمر وإنّما على الخبرة. لذا فالشرطُ الأساسي الذي يجب أن يتوفّر في المدرّب هو أن يكون صاحب خبرة واسعة في مجال معيّن يرغب
لتلميذ في معرفة المزيد عنه.
الفرق بين التوجيه والإدارة والتدريب
يختلف التوجيه mentorship عن الإدارة management في كون العلاقة بين الموجّه والتلميذ طوعية ومتفقًا عليها من قبل الطرفين بعكس ما هو الحال عليه بين المدير وموظفيه.
كما تختلف أيضًا عن علاقة التدريب coaching في كون التوجيه مجانيًا في غالب الأحيان، بعكس الدورات التدريبية التي تكون مدفوعة في معظم الأحيان.
تكمن الفكرة وراء العلاقات الإرشادية في كونها فكرة شبه خيرية: حيث أنّ الشخص الأكثر خبرة ومعرفة يريد نقل جزءٍ من خبرته هذه إلى شخص آخر يرغب فعلاً في تلقيها.
ما هي صفات الموجه الناجح؟
حتى تكون موجّهًا ناجحًا وتنقل خبرتك إلى الآخرين، لابدّ لك من امتلاك مهارات التوجيه المناسبة أو ما يُعرف بالـ Mentorship Skills. إنها مجموعة من السمات الشخصية والمميزة التي تمكّنك من نقل خبرتك وحكمتك بفعالية إلى الطرف الآخر.
فيما يلي 8 من أهمّ صفات الموجّه الناجح:
1- الحماس والشغف الكبيرين
سواءً كنت ترغب في أن تكون موجّهًا، أو أنّك تبحث عن موجّه يساعدك لتحقيق أهدافك، عليك في كلتا الحالتين أن تركّز على سمة شخصية في غاية الأهمية، ألا وهي الحماس والشغف.
إذ من المعروف عن الموجّهين أو الـ Mentors أنّهم يمتلكون حماسًا كبيرًا وشغفًا ملتهبًا تجاه ما يقومون به.
لماذا؟
لأنّ هذا الشغف والحماس هو ما يتيح لهم القيام بواجبهم على أكمل وجه في تقديم النصيحة الفعّالة المفيدة دون رغبة في الحصول على أيّ مقابل مادّي. فأفضلُ مكافأة يمكنهم الحصول عليها هي رؤية تلامذتهم ينجحون ويحقّقون أهدافهم وطموحاتهم.
لكن، من المهمّ أن يكون هذا الشغف والحماس حقيقيًا نابعًا من القلب، وليس مجرّد قناع ظاهري، لأنه في هذه الحالة، لن يؤدّي الغرض المطلوب منه.
2- التوافق التام مع التلميذ
تشبه عملية البحث عن موجّه إلى حدّ كبير عملية التسوّق لشراء الملابس!
لذا، إن كنت تبحث عن mentor، عليك أن تأخذ وقتك في ذلك، وأن تختار الشخص الذي ترتاح لأسلوبه وطريقته في التوجيه.
سيكون هناك الكثير من الأشخاص الذين سيحاولون التحكّم في حياتك الشخصية والوظيفية، وتطويرَك على النحو الذي يخدمهم بشكل أفضل، أو الذي يعتقدون أنّه الأفضل لك.
لكن هذا الأمر سيجعل منهم موجّهين غير أكفاء، وتجربتك معهم كتلميذ لن تكون ناجحة على الإطلاق.
الموجّه الناجح، سيضع استراتيجية تتناسب مع احتياجاتك ومهاراتِك ومواهبك، والأهم من ذلك، مع رغباتك. سيَسعى ليجعل منك نسخة أفضل من نفسك وليس نسخة عنه هو.
بناءً على ذلك، إن كنت ترغب في أن تكون موجّهًا، فعليك إذن أن تكون متوافقًا تمامًا مع تلاميذك وقادرًا على فهم احتياجاتهم جيّدًا.
3- تقدير أهمية التعلم المستمر
كثيرون من يعتقدون أنّ الموجه هو شخص خبير في جميع نواحي الحياة، وهو أمر خاطئ بلا شكّ… الموجّه الناجح ليس مجرّد معلّم، بل هو متعلّم أيضًا، وتقع عليه مسؤولية نقل حبّ المعرفة والتعلّم المستمرّ إلى تلاميذه.
من أهمّ سمات الموجّه الناجح هو إدراكه لحقيقة أنّه حتى وإن كان خبيرًا في مجال معيّن، فهناك أيضًا أمور قد يجهلها. إنّه لا يشعر بالحرج من الإجابة بعبارة: "أنا لا أعلم"، لكنه مع ذلك يُلحقها دومًا: "سأبحث عن الإجابة المناسبة"
لتكون موجّهًا متميّزًا، عليك أن تمتلك عقليّة نموّ، وأن يكون لديك الاستعداد للتعلّم المتواصل والمستمرّ.
4- القدرة على تحديد منطقة الراحة والخروج منها
يملك الجميع منطقة معيّنة يعيشون فيها، ويشعرون بالراحة أثناء التواجد فيها، وهو ما يُطلق عليه منطقة الراحة أو الـ Comfort Zone.
وحتى تتطوّر، لابدّ لك من الخروج من هذه المنطقة في لحظة ما، وخوض تجارب جديدة تتعلّم منها وتنمو.
يتميّز الموجّه الناجح بقدرته على تحديد منطقة الراحة لتلاميذه والتعرّف عليها، ومن ثمّ مساعدتهم على وضع خطوات واستراتيجيات للخروج منها والشعور بالارتياح حتى وإن لم تتواجد داخل هذه المنطقة.
5- الاستماع الفعال
حتى يتمكّن الموجّه الناجح من مساعدة تلاميذه للوصول إلى أهدافهم وتحقيقها، وحتى يتعرّف على احتياجاتهم وأنسب الاستراتيجيات لهم، لابدّ له من امتلاك مهارات الاستماع الفعّال.
لن يسمح الموجّه الحقيقي لأيّ مُلهيات أن تقطعه عن متابعة ما يقوله تلاميذه. سواءً كانت هذه الملهيات مكالمات هاتفية، رسائل إلكترونية أو حديثًا مع أشخاص آخرين.
على العكس من ذلك، سيسعَى للتركيز على تلامذته فقط، ويحرص على إشراكهم في الحوار، إنّه يطرح عليهم الأسئلة، يمحّص إجاباتهم، ويمنحهم الوقت والهدوء الكافي الذي يحتاجونه للتفكير.
6- القدرة على تقديم التغذية الراجعة
يمكن للجميع الاستفادة من التغذية الراجعة، حتى أكثر الناس مهارة وخبرة. وذلك لأنّ التغذية الراجعة تلعب دورًا مهمًّا في التطوّر وشحذ المهارات واكتسابها.
لابدّ للموجّه أو الـ mentor الناجح أن يكون قادرًا على تقديم التغذية الراجعة الفعّالة لتلاميذه. بمعنى أنّ يقدّم نقدًا بنّاءً يهدف للتطوير والتحسين، وليس الانتقاص من قدرات التلاميذ أو الاستهزاء بهم.
ومن المهمّ أيضًا أن يُلحق تغذيّته هذه بالاستراتيجيات المناسبة لتصحيح الخلل وتحقيق النجاح مستقبلاً.
7- احترام الآخرين
لا يقتصر احترام الغير على الموجّهين فقط، لكنّه مع ذلك سمة مهمّة للغاية لهم. الموجّه الناجح يُحسن إدارة الحوار بأسلوب أنيق، ويمتلك الذكاء العاطفي الذي يتيح له فهم مشاعره الخاصّة وكذا مشاعر الآخرين.
ليس من الجيّد أن يطلق الموجّه الأحكام على الآخرين، أو يتحدّث عن الغير بسوء أمام تلاميذه. ففي ذلك خرق للخصوصية التي يجب احترامها، والأهمّ من ذلك، ستُعتبر تلك إشارة على قلّة كفاءته بل وفشله في مهمّته كموجّه ناجح.
8- الخبرة الواسعة
وهو بلا شكّ الشرط الأساسي لأي موجّه. إذ لا يكفي أن تكون شغوفًا ومتحمّسًا، أو أنك تحترم الغير لتصبح mentor. عليك أيضًا أن تملك شيئًا تقدّمه لتلاميذك.
يجب أن يكون الموجّه الناجح صاحب خبرة واسعة في مجال معيّن مهني كان أو غير ذلك، وأن يكون هذا المجال متطابقًا مع المجال الذي يرغب التلميذ في التطوّر فيه، ذلك أنّ الكثير من التلاميذ لا يسعون فقط لأخذ الخبرة من موجّهيهم بل ويطمحون لأن يرتبط اسمهم باسم الموجّه الذي أشرف على تعليمهم.
كيف ذلك؟
حسنًا، إن كنت تليمذًا على سبيل المثال، ومجال خبرتك هو التاريخ وعلم الآثار. هل سترغب أن يكون موجّهك الدكتور "فلان" المعروف بكونه نابغة ورمزًا للاكتشافات الأثرية في المنطقة؟ أم الدكتور "فلان" الذي قرأ ثلاثة كتب عن التاريخ فقط في حياته كلّها؟!
خيارك سيكون الأوّل حتمًا، لأنك وحينما تنهي فترة التمرين عند هذا الموجّه، وتقدّم للحصول على فرص عمل أو دراسة أو سفر بغرض إجراء البحوث، سيكون اسم موجّهك عاملاً مساعدًا في رفع مصداقية قدراتك ومهاراتك ويضمن لك احتمالية أكبر لتحقيق النجاحات التي تطمح إليها.
لهذا السبب بالذات، عليك أن تفكّر مليًا في مجال خبرتك قبل أن تبدأ طريقك كموجّه في عالم الـ mentorship.
5 نصائح لتطوير مهاراتك في التوجيه
بعد أن تعرّفت على ما يعنيه مفهوم التوجيه، وأهمّ صفات الموجّه الناجح، إليك فيما يلي 5 نصائح أساسية تساعدك على بناء علاقة توجيه ناجحة مع تلاميذك، وتطوير مهاراتك في هذا المجال.
1- سلوكك يحدد مخرجاتك
إياك أن تقبل بالقيام بدور الموجّه إلاّ إذا كنت واثقًا من رغبتك في فعل ذلك. فالموجّهون يقومون بعملهم هذا انطلاقًا من رغبة صادقة في مساعدة الغير. ستحصل بالتأكيد على مقابل مُجزٍ لكن عليك أن تضع في حسبانك أنّ هذا المقابل ليس بالضرورة أن يكون ماديًا.
احرص قبل خوض هذا الطريق لأن تعرف تمامًا ما الذي تسعى إليه من وراء عملك كموجّه، ولأن تنتهج السلوك الصحيح الذي يحقق لك النتائج التي تريدها.
2- اختر تلاميذك بحرص
لا يستفيد الجميع من موضوع التوجيه، ولا يعتبر كلّ موجه أو mentor مناسبًا لكلّ متمرّن أو apprentice. لذا احرص على اختيار تلاميذك بعناية، وذلك من خلال مقابلتهم شخصيًا قبل البدء بجلسات التوجيه، والتعرّف عليهم لمعرفة ما إذا كان هنالك توافق كافٍ بينكما للاستمرار في هذه العلاقة التعلميّة.
3- جهز عقد توجيه Mentoring contract
وضّح في هذا العقد توقّعاتك، وتعرّف على توقّعات تلاميذك أيضًا. ثمّ اسعَ للتوصل إلى اتفاق حول أهداف كلّ من الطرفين من وراء هذه العلاقة.
ليس هذا وحسب، إذ يجب أن يوضّح العقد أمورًا مهمّة أخرى مثل:
يحتاج الموجّهون الجيّدون إلى امتلاك مهارات توجيه وتدريب مميّزة تساعدهم على القيام بدورهم في مساعدة الآخرين للوصول إلى أهدافهم وطموحاتهم.
فما هو التوجيه بالضبط؟ وما هي سمات الموجّه أو المرشد الناجح؟ بل وكيف يمكنك أن تطوّر مهاراتك أنت أيضًا لتصبح في يومٍ من الأيام مرشدًا وموجّهًا للآخرين؟
دعونا نتعرّف على كلّ هذا في مقالنا اليوم من تعلّم!
ما هو التوجيه أو الـ Mentorship؟
التوجيه أو الـ Mentorship، جميعها مصطلحات تُشير إلى علاقة بين طرفين، يكون أحدهما أكثر خبرة ودراية في مجال معيّن من الطرف الآخر. حيثُ يُطلق على الطرف صاحب الخبرة أسماء من مثل:
- المعلّم.
- الموجّه.
- المرشد.
- أو Mentor باللغة الإنجليزية.
أمّا الطرف الثاني الراغب في التعلّم، فيُطلق عليه أسماءٌ مثل:
- تلميذ.
- متربّص (في دول المغرب العربي على وجه الخصوص).
- أو Apprentice باللغة الإنجليزية.
من الجدير بالذكر أنّ المدرّب قد يكون أصغر سنًّا من تلميذه، فعلاقة التدريب ليست مبنية على العمر وإنّما على الخبرة. لذا فالشرطُ الأساسي الذي يجب أن يتوفّر في المدرّب هو أن يكون صاحب خبرة واسعة في مجال معيّن يرغب
لتلميذ في معرفة المزيد عنه.
الفرق بين التوجيه والإدارة والتدريب
يختلف التوجيه mentorship عن الإدارة management في كون العلاقة بين الموجّه والتلميذ طوعية ومتفقًا عليها من قبل الطرفين بعكس ما هو الحال عليه بين المدير وموظفيه.
كما تختلف أيضًا عن علاقة التدريب coaching في كون التوجيه مجانيًا في غالب الأحيان، بعكس الدورات التدريبية التي تكون مدفوعة في معظم الأحيان.
تكمن الفكرة وراء العلاقات الإرشادية في كونها فكرة شبه خيرية: حيث أنّ الشخص الأكثر خبرة ومعرفة يريد نقل جزءٍ من خبرته هذه إلى شخص آخر يرغب فعلاً في تلقيها.
ما هي صفات الموجه الناجح؟
حتى تكون موجّهًا ناجحًا وتنقل خبرتك إلى الآخرين، لابدّ لك من امتلاك مهارات التوجيه المناسبة أو ما يُعرف بالـ Mentorship Skills. إنها مجموعة من السمات الشخصية والمميزة التي تمكّنك من نقل خبرتك وحكمتك بفعالية إلى الطرف الآخر.
فيما يلي 8 من أهمّ صفات الموجّه الناجح:
1- الحماس والشغف الكبيرين
سواءً كنت ترغب في أن تكون موجّهًا، أو أنّك تبحث عن موجّه يساعدك لتحقيق أهدافك، عليك في كلتا الحالتين أن تركّز على سمة شخصية في غاية الأهمية، ألا وهي الحماس والشغف.
إذ من المعروف عن الموجّهين أو الـ Mentors أنّهم يمتلكون حماسًا كبيرًا وشغفًا ملتهبًا تجاه ما يقومون به.
لماذا؟
لأنّ هذا الشغف والحماس هو ما يتيح لهم القيام بواجبهم على أكمل وجه في تقديم النصيحة الفعّالة المفيدة دون رغبة في الحصول على أيّ مقابل مادّي. فأفضلُ مكافأة يمكنهم الحصول عليها هي رؤية تلامذتهم ينجحون ويحقّقون أهدافهم وطموحاتهم.
لكن، من المهمّ أن يكون هذا الشغف والحماس حقيقيًا نابعًا من القلب، وليس مجرّد قناع ظاهري، لأنه في هذه الحالة، لن يؤدّي الغرض المطلوب منه.
2- التوافق التام مع التلميذ
تشبه عملية البحث عن موجّه إلى حدّ كبير عملية التسوّق لشراء الملابس!
لذا، إن كنت تبحث عن mentor، عليك أن تأخذ وقتك في ذلك، وأن تختار الشخص الذي ترتاح لأسلوبه وطريقته في التوجيه.
سيكون هناك الكثير من الأشخاص الذين سيحاولون التحكّم في حياتك الشخصية والوظيفية، وتطويرَك على النحو الذي يخدمهم بشكل أفضل، أو الذي يعتقدون أنّه الأفضل لك.
لكن هذا الأمر سيجعل منهم موجّهين غير أكفاء، وتجربتك معهم كتلميذ لن تكون ناجحة على الإطلاق.
الموجّه الناجح، سيضع استراتيجية تتناسب مع احتياجاتك ومهاراتِك ومواهبك، والأهم من ذلك، مع رغباتك. سيَسعى ليجعل منك نسخة أفضل من نفسك وليس نسخة عنه هو.
بناءً على ذلك، إن كنت ترغب في أن تكون موجّهًا، فعليك إذن أن تكون متوافقًا تمامًا مع تلاميذك وقادرًا على فهم احتياجاتهم جيّدًا.
3- تقدير أهمية التعلم المستمر
كثيرون من يعتقدون أنّ الموجه هو شخص خبير في جميع نواحي الحياة، وهو أمر خاطئ بلا شكّ… الموجّه الناجح ليس مجرّد معلّم، بل هو متعلّم أيضًا، وتقع عليه مسؤولية نقل حبّ المعرفة والتعلّم المستمرّ إلى تلاميذه.
من أهمّ سمات الموجّه الناجح هو إدراكه لحقيقة أنّه حتى وإن كان خبيرًا في مجال معيّن، فهناك أيضًا أمور قد يجهلها. إنّه لا يشعر بالحرج من الإجابة بعبارة: "أنا لا أعلم"، لكنه مع ذلك يُلحقها دومًا: "سأبحث عن الإجابة المناسبة"
لتكون موجّهًا متميّزًا، عليك أن تمتلك عقليّة نموّ، وأن يكون لديك الاستعداد للتعلّم المتواصل والمستمرّ.
4- القدرة على تحديد منطقة الراحة والخروج منها
يملك الجميع منطقة معيّنة يعيشون فيها، ويشعرون بالراحة أثناء التواجد فيها، وهو ما يُطلق عليه منطقة الراحة أو الـ Comfort Zone.
وحتى تتطوّر، لابدّ لك من الخروج من هذه المنطقة في لحظة ما، وخوض تجارب جديدة تتعلّم منها وتنمو.
يتميّز الموجّه الناجح بقدرته على تحديد منطقة الراحة لتلاميذه والتعرّف عليها، ومن ثمّ مساعدتهم على وضع خطوات واستراتيجيات للخروج منها والشعور بالارتياح حتى وإن لم تتواجد داخل هذه المنطقة.
5- الاستماع الفعال
حتى يتمكّن الموجّه الناجح من مساعدة تلاميذه للوصول إلى أهدافهم وتحقيقها، وحتى يتعرّف على احتياجاتهم وأنسب الاستراتيجيات لهم، لابدّ له من امتلاك مهارات الاستماع الفعّال.
لن يسمح الموجّه الحقيقي لأيّ مُلهيات أن تقطعه عن متابعة ما يقوله تلاميذه. سواءً كانت هذه الملهيات مكالمات هاتفية، رسائل إلكترونية أو حديثًا مع أشخاص آخرين.
على العكس من ذلك، سيسعَى للتركيز على تلامذته فقط، ويحرص على إشراكهم في الحوار، إنّه يطرح عليهم الأسئلة، يمحّص إجاباتهم، ويمنحهم الوقت والهدوء الكافي الذي يحتاجونه للتفكير.
6- القدرة على تقديم التغذية الراجعة
يمكن للجميع الاستفادة من التغذية الراجعة، حتى أكثر الناس مهارة وخبرة. وذلك لأنّ التغذية الراجعة تلعب دورًا مهمًّا في التطوّر وشحذ المهارات واكتسابها.
لابدّ للموجّه أو الـ mentor الناجح أن يكون قادرًا على تقديم التغذية الراجعة الفعّالة لتلاميذه. بمعنى أنّ يقدّم نقدًا بنّاءً يهدف للتطوير والتحسين، وليس الانتقاص من قدرات التلاميذ أو الاستهزاء بهم.
ومن المهمّ أيضًا أن يُلحق تغذيّته هذه بالاستراتيجيات المناسبة لتصحيح الخلل وتحقيق النجاح مستقبلاً.
7- احترام الآخرين
لا يقتصر احترام الغير على الموجّهين فقط، لكنّه مع ذلك سمة مهمّة للغاية لهم. الموجّه الناجح يُحسن إدارة الحوار بأسلوب أنيق، ويمتلك الذكاء العاطفي الذي يتيح له فهم مشاعره الخاصّة وكذا مشاعر الآخرين.
ليس من الجيّد أن يطلق الموجّه الأحكام على الآخرين، أو يتحدّث عن الغير بسوء أمام تلاميذه. ففي ذلك خرق للخصوصية التي يجب احترامها، والأهمّ من ذلك، ستُعتبر تلك إشارة على قلّة كفاءته بل وفشله في مهمّته كموجّه ناجح.
8- الخبرة الواسعة
وهو بلا شكّ الشرط الأساسي لأي موجّه. إذ لا يكفي أن تكون شغوفًا ومتحمّسًا، أو أنك تحترم الغير لتصبح mentor. عليك أيضًا أن تملك شيئًا تقدّمه لتلاميذك.
يجب أن يكون الموجّه الناجح صاحب خبرة واسعة في مجال معيّن مهني كان أو غير ذلك، وأن يكون هذا المجال متطابقًا مع المجال الذي يرغب التلميذ في التطوّر فيه، ذلك أنّ الكثير من التلاميذ لا يسعون فقط لأخذ الخبرة من موجّهيهم بل ويطمحون لأن يرتبط اسمهم باسم الموجّه الذي أشرف على تعليمهم.
كيف ذلك؟
حسنًا، إن كنت تليمذًا على سبيل المثال، ومجال خبرتك هو التاريخ وعلم الآثار. هل سترغب أن يكون موجّهك الدكتور "فلان" المعروف بكونه نابغة ورمزًا للاكتشافات الأثرية في المنطقة؟ أم الدكتور "فلان" الذي قرأ ثلاثة كتب عن التاريخ فقط في حياته كلّها؟!
خيارك سيكون الأوّل حتمًا، لأنك وحينما تنهي فترة التمرين عند هذا الموجّه، وتقدّم للحصول على فرص عمل أو دراسة أو سفر بغرض إجراء البحوث، سيكون اسم موجّهك عاملاً مساعدًا في رفع مصداقية قدراتك ومهاراتك ويضمن لك احتمالية أكبر لتحقيق النجاحات التي تطمح إليها.
لهذا السبب بالذات، عليك أن تفكّر مليًا في مجال خبرتك قبل أن تبدأ طريقك كموجّه في عالم الـ mentorship.
5 نصائح لتطوير مهاراتك في التوجيه
بعد أن تعرّفت على ما يعنيه مفهوم التوجيه، وأهمّ صفات الموجّه الناجح، إليك فيما يلي 5 نصائح أساسية تساعدك على بناء علاقة توجيه ناجحة مع تلاميذك، وتطوير مهاراتك في هذا المجال.
1- سلوكك يحدد مخرجاتك
إياك أن تقبل بالقيام بدور الموجّه إلاّ إذا كنت واثقًا من رغبتك في فعل ذلك. فالموجّهون يقومون بعملهم هذا انطلاقًا من رغبة صادقة في مساعدة الغير. ستحصل بالتأكيد على مقابل مُجزٍ لكن عليك أن تضع في حسبانك أنّ هذا المقابل ليس بالضرورة أن يكون ماديًا.
احرص قبل خوض هذا الطريق لأن تعرف تمامًا ما الذي تسعى إليه من وراء عملك كموجّه، ولأن تنتهج السلوك الصحيح الذي يحقق لك النتائج التي تريدها.
2- اختر تلاميذك بحرص
لا يستفيد الجميع من موضوع التوجيه، ولا يعتبر كلّ موجه أو mentor مناسبًا لكلّ متمرّن أو apprentice. لذا احرص على اختيار تلاميذك بعناية، وذلك من خلال مقابلتهم شخصيًا قبل البدء بجلسات التوجيه، والتعرّف عليهم لمعرفة ما إذا كان هنالك توافق كافٍ بينكما للاستمرار في هذه العلاقة التعلميّة.
3- جهز عقد توجيه Mentoring contract
وضّح في هذا العقد توقّعاتك، وتعرّف على توقّعات تلاميذك أيضًا. ثمّ اسعَ للتوصل إلى اتفاق حول أهداف كلّ من الطرفين من وراء هذه العلاقة.
ليس هذا وحسب، إذ يجب أن يوضّح العقد أمورًا مهمّة أخرى مثل:
- مواعيد الالتقاء وعدد اللقاءات كلّ أسبوع/ شهر...الخ
- الأوقات التي يجب عليكم فيها التوقّف لمراجعة التقدّم الذي تمّ إحرازه.
- المخرجات التي يريد كلّ من الطرفين الوصول إليها.
- قد يلجأ البعض لإعداد هذا العقد كتابيًا، في حين يكتفي البعض الآخر بتوضيحه شفويًا في بداية عملية التوجيه.
اختر ما يناسبك أنت وتلميذك، مع التركيز على ضرورة وضوح أهداف كلّ طرف لدى الطرف الآخر.
4- كن ملتزما فيما تقوم به
علاقة الموجّه والتلميذ مبنية على عقد واتفاق متبادل بين الطرفين، وعليك بلا شكّ احترامها والالتزام بها.
من السهل إلغاء المواعيد أو القيام بتعدّد المهام، وهو أمر يكثر حصوله عندما تجد نفسك واقعًا تحت ضغط شديد. لكن إن لم تكن جادًّا في دورك كموجّه مع تلميذك، فلن يكون هو الآخر جادًّا أيضًا.
طوّر مهاراتك في إدارة الوقت بشكل فعّال، واسعَ لاكتساب مهارات تعدّد المهام حتى تضمن قيامك بمهمّة التوجيه على أكمل وجه.
5- استمع أكثر مما تتحدث
الاستماع والإصغاء هو أحد أهمّ مفاتيح نجاح أيّ نوع من أنواع العلاقات البشرية. وينطبق الأمر أيضًا على علاقة الموجّه بتلاميذه.
إن أردت النجاح كموجّه، فكن مستمعًا جيّدًا. مهما كانت خبرتك كبيرة في مجال معيّن، ومهما كانت معرفتك فيه واسعة، فلن تكون ذات نفع ما لم تستطع فهم ما يحتاجه تلميذُك بالضبط. ولن تستطيع معرفة ذلك إن لم تتح له المجال للتحدّث والتعبير عن نفسه والإصغاء له.
من خلال اتباع هذه النصائح البسيطة سيصبح في وسعك تحسين مهاراتك كموجّه والقيام بأداء أفضل مع طلابك يتيح لهم الاستفادة التامّة من خبراتك، ويحقق لك هدفك في نقل معارفك إليهم.
من المهمّ التنويه إلى أنّ التوجيه أو الـ mentorship هو علاقة ذات اتجاهين، وفي حال تمّ بناؤها بالشكل السليم فالتلميذُ ليس الشخص الوحيد الذي سيستفيد وإنّما ستكون المنفعة مشتركة بين الطرفين حتمًا.